La femme dans le Coran
المرأة في القرآن
Genres
1
هذه شريعة وتلك شريعة، بينهما من الزمن قرابة أربعة عشر قرنا، ومن الجهود الإنسانية ثورات وأهوال وضحايا لا يحيط بها الإحصاء.
الفصل الثاني عشر
المعاملة
عند الكلام على معاملة المرأة، يتجه الذهن إلى أنواع متعددة من المعاملة لا تبنى على أساس واحد، ولا تأتي من مصدر واحد، ولا يلزم من تحقيقها في بيئة أن يتحقق سائرها في تلك البيئة، ولا يستغرب في مختلف البيئات أن يظهر نوع منها، ويختفي النوع الآخر، وأن يكون ظهور هذا بمقدار اختفاء ذاك؛ لأن يعضها من صنع السلطة الدنيوية أو الدينية، وبعضها من صنع الغرائز والعادات الفطرية، وبعضها من صنع المراسم والشعائر التي تتبدل مع الأمم والطبقات، وبعضها من الأخلاق والشمائل التي تعلو أو تنحدر على حسب العوارض المتجددة من أطوار التهذيب والثقافة، وأطوار الجهالة والضعة، فلا يستغرب أن تتعارض في كثير من الأزمنة، كما تتعارض الطوارئ من النقائض والأضداد.
ومن العسير أن نحصر هذه المعاملات كما تتفق أو تتناقض في كل بيئة نشأت فيها، ولكنها تتيسر لنا بتقسيمها إلى أنواعها التي تشملها في مجموعها، وهي على التعميم والتغليب ثلاثة أنواع: معاملة القانون، ومعاملة النسب، ومعاملة الأدب وما هو من قبيل الشمائل العرفية.
فمعاملة القانون تخول المرأة حقوقها العامة وحقوقها الخاصة، كما تنص عليها العقائد والدساتير، وأقدمها في دساتير الأمم الغابرة حقوق الميراث، وأحدثها حق الانتخاب النيابي في القرن العشرين.
ومعاملة النسب تكسبها المرأة من صلة القرابة، أيا كان حكم القانون في مركز المرأة وحقوقها، فهي بهذه المثابة أم أو أخت أو بنت أو زوجة أو محرم تجب له الرعاية والحماية، وقد تكون المرأة العزيزة عند ابنها، أهون الخلائق عند عامة الناس ممن لا تربطهم بها آصرة القرابة، ولا يحفلون بكرامة أهلها وحماتها.
ومعاملة الأدب، وما هو من قبيل الشمائل العرفية، قد يرعاها الناس، حيث لا يرعاها القانون، ولا يفرضها واجب النسب، وقد يؤديها الإنسان كما تؤدى المراسم الصورية؛ لأنها محسوبة في حكم العادة من شعائر الكياسة والوجاهة الاجتماعية، ومما يماثلها في معاملة الرجال بعضهم لبعض أن يأمر الحاكم باعتقال أحد، ويختم أمره بتوقيع الخادم المطيع، ومن تقاليدها في عصر الفروسية أن ينحني الفارس للعقيلة الموقرة، ثم يصدم شعورها ولا يحسب أنه أساء إليها. وربما سما هذا الأدب مع التهذيب فكان خلقا نبيلا من أشرف الخلائق الإنسانية، وربما جرى مجرى الحلية الاجتماعية التي تروج فيها الزيوف، ويقنع منها أصحاب التحيات والمجاملات بالعناوين والحروف. •••
للقرآن الكريم شريعته المحكمة في كل نوع من أنواع هذه المعاملات، وله في كل معاملة دستورها الجامع الذي تتبعه تفصيلاته كما تتبع الفروع الأصول.
Page inconnue