الإسلام ، وطلب أهل الشام منه التمكين من قتلة عثمان ، فقال لهم علي (ع) : «ادخلوا في البيعة ، واطلبوا الحق تصلوا إليه». وكان علي (ع) أسدهم رأيا وأصوبهم قولا ، لأنه لو تعاطى القود ؛ لتعصبت لهم قبائلهم فتكون حربا ثالثة ، فانتظر بهم أن يستوثق الأمر وتنعقد البيعة العامة ، ثم ينظر في مجلس الحكم ويجري القضاء. ولا خلاف بين الامة : أنه يجوز للإمام تأخير القصاص ، إذا أدى ذلك إلى إثارة الفتنة وتشتيت الكلمة.
وحينئذ فكل من خرج على علي (ع) فهو باغ ، وقتال الباغي واجب حتى يفيء إلى الحق وينقاد إلى الصلح. وإن قتاله لأهل الشام الذين أبوا الدخول في البيعة ، وأهل الجمل والنهروان الذين خلعوا بيعته حق ، وكان حق الجميع أن يصلوا إليه ، ويجلسوا بين يديه ويطالبوه بما رأوا ، فلما تركوا ذلك بأجمعهم ، صاروا بغاة ، فتناولهم قوله تعالى : ( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ).
ولقد عتب معاوية على سعد بن أبي وقاص (1)، بعدم مشاركته في قتال علي (ع) ؛ فرد عليه سعد : بأني ندمت على تأخيري عن قتال الفئة الباغية ، يعني معاوية ومن تابعه (2).
وقال أبو بكر محمد الباقلاني ، المتوفى سنة (403) ه بعد ذكر جملة من فضائل أمير المؤمنين (ع): إن عليا يصلح للخلافة ببعض هذه الخصال ، ودون هذه الفضائل ، ويستحق الإمامة. فهو حقيق بما نظر فيه وتولاه ؛ فوجب الإنقياد له بعقد
Page 75