ثم التفت إلى هاني وقال : أتيت بابن عقيل إلى دارك ، وجمعت له السلاح؟! فأنكر عليه هاني وإذ كثر الجدال ، دعا ابن زياد معقلا ، ففهم هاني أن الخبر أتاه من جهته ، فقال لابن زياد : إن لأبيك عندي بلاء حسنا وأنا احب مكافأته ، فهل لك في خير؟ تمضي أنت وأهل بيتك إلى الشام سالمين بأموالكم ؛ فإنه جاء من هو أحق بالأمر منك ومن صاحبك (1)، فقال ابن زياد : وتحت الرغوة اللبن الصريح (2).
فقال ابن زياد : والله لا تفارقني حتى تأتيني به ، قال : والله لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه ، فأغلظ له ابن زياد وهدده بالقتل فقال هاني : إذا تكثر البارقة حولك ، وهو يظن أن مرادا تمعنه ، فأخذ ابن زياد بظفيرتيه وقنع وجهه بالسيف حتى كسر أنفه ونثر لحم خديه وجبينه على لحيته وحبسه عنده (3).
وبلغ عمرو بن الحجاج أن هانيا قتل وكانت اخته روعة تحت هاني ، وهي ام يحيى بن هاني فأقبل في جمع من مذحج ، وأحاط بالقصر فلما علم به ابن زياد ، أمر شريح القاضي (4) أن يدخل على هاني ويعلمهم بحياته ، قال شريح : لما رآني هاني صاح بصوت رفيع : يا للمسلمين! إن دخل علي عشرة أنقذوني. فلو لم يكن معي حميد بن أبي بكر الأحمري وهو شرطي ، لأبلغت أصحابه مقالته ولكن قلت : إنه حي ، فحمد الله عمرو بن الحجاج وانصرف بقومه (5).
* نهضة مسلم
ولما بلغ مسلما خبر هاني ، خاف أن يؤخذ غيلة فتعجل الخروج قبل الأجل الذي بينه وبين الناس ، وأمر عبد الله بن حازم أن ينادي في أصحابه ، وقد ملأ بهم
Page 155