(والثالث): المتقدم بالشرف كقولنا أبو بكر ثم عمرو وإن أبا بكرقبل سائر الصحابة رضوان الله تعالى عليهم بالشرف والفضل. (والرابع): المتقدم بالطبع وهو الذى لا يرتفع بارتفاع المتقدم عليه ويرتفع المتقدم عليه بارتفاعه فانك تقول الواحد قبل الاثنين فانه لو قدر عدم الواحد فى العالم يلزم عدم الاثنين إذ كل اثنين فهو واحد وواحد وإن قدر عدم الاثنين لم يلزم عدم الواحد وقولك الواحد قبل الاثنين لا نعنى به تقدما زمانيا بل يجوز أن يكون مع الاثنين وتعقل قبليته مع ذلك.
(والخامس): المتقدم بالذات وهو الذى وجوده مع غيره ولكن وجود ذلك الغير به وليس وجوده بذلك الغير وذلك كتقدم العلة على المعلول وكتقدم حركة اليد على حركة الخاتم فانه يستحسن أن يقال تحركت اليد فتحرك الخاتم ولا يستحسن أن يقال تحرك الخاتم فتحركت اليد والفاء للتعقيب* ومعلوم أنهما معا فى الزمان ولكن هذه القبلية بالعلية والايجاب.
(قسمة خامسة): الموجود ينقسم إلى سبب ومسبب أى معلول وعلة وكل شىء له وجود فى نفسه لا عن وجود شىء آخر معلوم وذلك المعلوم لاوجود له إلا بالشىء فانما يسمى ذلك الشىء علة ذلك المعلوم وذلك الشىء المعلوم معلول ذلك الشىء وكل ما هو حاصل من أجزاء فلا يكون وجود الجزء بسبب وجود الجملة بل وجود الجملة بسبب وجود الاجزاء واجتماعها.
(فالسكنجبين): ليس علة السكر بل السكرعلة السكنجبين إذ به يحصل السكنجبين وهذا فيما يتقدم فيه الجزء على الجملة بالزمان ظاهر فان كانا لا يفترقان فى الزمان كاليد بالاضافة إلى الانسان فهو أيضا كذلك فاذا كل ما هو جزء الجملة فهوعلة الجملة فالعلة تنقسم إلى ما يكون جزءا من ذات المعلول وإلى ما يكون خارجا* والذى هو جزء من المعلول ينقسم إلى ما لا يلزم بوجوده وجود المعلول كالخشب للكرسى وإلى ما يلزم عند تقدير وجوده ذات المعلول كصورة الكرسى فانها إذا فرضت موجودة كان الكرسى لا محالة موجودا لا كالخشب مع أن الكرسى جملة لا يتقوم وجودها إلا باجتماع الصورة والخشب * فما نسبته إلى المعلول نسبة الخشب إلى الكرسى يسمى علة عنصرية* وما نسبته نسبة الصورة يسمى علة صورية* وأما الخارج فينقسم إلى ما منه الشىء كالنجار للكرسى ويسمى علة فاعلية وكذا الأب للابن والنار للحرارة* وإلى ما لأجله الشىء وليس منه ويسمى علة تمامية وغائية وهو كالاستكنان للبيت والصلوح للجلوس للكرسى* ومن خاصية العلة الغائية أن سائر العلل بها تصير علة فانه ما لم يتمثل صورة الكرسى المستعد للجلوس والحاجة إلى الجلوس فى نفس النجار لا يصير هو فاعلا ولا يصير الخشب عنصر الكرسى ولا يحل فيه الصورة فالغائية حيث وجدت فى جملة العلل هى علة العلل * والعلة الفاعلية إما أن تفعل بالطبع كالنار تحرق والشمس تنور وإما أن يكون فعلها بالارادة كالانسان يمشى وكل فاعل له في الفعل غرض فيجب أن لا يكون وجود ذلك الغرض وعدمه له بمثابة واحدة إذ الغرض عبارة عما يجعل وجود الفعل أولى بالفاعل من عدمه فان لم يكن كذلك لم يسم غرضا فان ما كان وجوده وعدمه بمثابة واحدة فى حق الفاعل لم يكن اختيار وجوده على عدمه لفائدة وغرض وكل ماهو كذلك فلا يكون غرضا* ويبقى السؤال فى أنه لم اختار الوجود على العدم ولا ينقطع إلا بذكر الغرض ولا غرض إلا ما يجعل وجود الفعل في حق الفاعل أولى من العدم فان لم يكن أولى ساوى الوجود والعدم فيستحيل الميل إلى أحدهما وكل ماله غرض فهو ناقص لأن حصول ذلك الغرض هو خير له من لا حصوله فاذا له شىء فى نفسه من الخيرات مفقود ويحصل له بالفعل فيكمل بحصوله فلا يكون كاملا بنفسه دون ذلك* وقول القائل إنه يفعل لا لفائدة يرجع اليه بل إلى غيره غلط إذ يقال حصول الفائدة لغيره هل هو فى حقه أولى من لا حصوله فان كانت إفادته أولى وأليق به فقد استفاد فى نفسه بافادة غيره ما هو أولى به وأليق فكان منفكا عنه قبله فكان ناقصا وإن لم يكن له في الافادة فائدة رجع السؤال بأنه لم أفاد رجوعا لا محيص عنه فاذا كل فاعل له غرض والغرض مكمل له ومزيل نقصا كان فيه بالكمال الحاصل بحصوله فان كان فى الامكان ذات يلزم منه المعلول لذاته من حيث إن ذاته ذات يفيض منه وجود غيره لا محالة من غير غرض فهذه العلة الفاعلية أعلى وأجل من الفاعلية بغرض واختبار وكل مالم يكن فاعلا فصار فاعلا فلا بد وأن يكون لطريان أمر وتجدده من شرط أو طبع أو إرادة أو غرض أو قدرة أوحال أية حال شئت وإلا فان كان أحوال الفاعل كما كان ولم يتجدد أمر لا فى ذاته ولا خارجا من ذاته الى الآن لم يكن وجود الفعل منه أولى به من العدم بل كان العدم هو المستمر والأحوال كما كانت فيلزم أن يستمر العدم فان كان العدم قبل هذا مستمرا لأنه لم يكن مرجح للوجود عليه والآن فقد وجد فينبغى أن يكون سببه هو حصول المرجح وإن كان لم يتجدد مرجح وانتفى المرجح كما كان استمرالعدم بالضرورة كما كان* وسيأتى زيادة شرح لهذا * ومما لا بد من ذكره أن العلة تنقسم إلى علة بالذات وإلى علة بالعرض وتسمية العلة بالعرض علة مجاز محض وهو الذى لم يحصل المعلول به بل بغيره ولكن ذلك الغيرلم يتهيأ له إيجاب المعلول إلاعنده كما أن رافع العماد من تحت السقف يسمى هادما للسقف وهو مجاز لأن علة سقوط السقف كونه ثقيلا إلا أنه كان ممنوعا عن فعله بالعماد فرافع العماد مكنه من الفعل ففعل فعله وكما يقال.
(ألسقمونيا): يبرد بمعنى أنه يزيل الصفراء المانعة للطبيعة من التبريد فيكون المبرد هو الطبع ولكن بعد زوال المانع ويكون السقمونيا علة إزالة الصفراء لاعلة للبرودة الحاصلة بعدز والها بالطبيعة (قسمة سادسة): الموجود ينقسم إلى متناه وغير متناه وغير المنتاه يقال على أربعة أوجه.
(اثنان): منها محالان لا يوجدان.
(واثنان): منها دل القياس على وجودهما.
(أحدها): أن يقال حركة الفلك لا نهاية لها أى لا أول لها وهذا قد دل عليه القياس.
(وثانيها): أن يقال النفوس الانسانية المفارقة للابدان أيضا لا نهاية لها وهذا أيضا لازم بالضرورة على نفى النهاية عن الزمان وحركة الفلك أعنى نفى الأولية.
(وثالثها): أن يقال الأجسام لا نهاية لها أو الأبعاد لا نهاية لها من فوق ومن تحت وهذا محال.
Page inconnue