{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا }
طوى الجزيرة حتى جائني خبر
حتى إذا لم يدع لي صدقه أملا
فزعت فيه بآمالي إلى الكذب
شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي
قال سعيد بن شهاب ، كنت في الشباب ، أسكن في حارة العزاب ، فتعلمت الثقافة ، ودرست اللقافة ، وقلت : أعمل في الصحافة . فذهبت إلى السكرتير ، فقال : عليك بالمدير ، فذهبت إلى المدير ، قال : عليك بالوزير ، فذهبت إلى الوزير ، فقالوا : عفوا هو في اجتماع مع السفير ، فكاد قلبي أن يطير . فقالوا : ما عنك يا شاب ، وفقت للصواب .
قلت : أريد أن أعمل لديكم مراسلا للأخبار ، في بعض الديار .
قال : لابد أن تنقل لنا المصائب ، والعجائب والغرائب . فلا نريد منك أن تقول: فلان حفظ القرآن ، وانتصر الأفغان ، وأعلن فوزهم الشيشان ،فهذا كلام مستهلك من زمان . نريدك تقول مثلا : تحطمت طائرة اليابان ، وسقطت عمارة في لبنان ، وانفجرت قنبلة في اليونان ، وماتت نعجة في السودان ، وانكسرت رجل قطة في باكستان .
وعليك بتهويل الخبر ، حتى يذاع وينشر ، فمثلا إذا سقطت طائرة فقل : تناثر حطام الطائرة تناثرا عجيبا ، وخلف وراءه لهيبا ، وارتطمت بإحدى العمارات ، مما سبب كثيرا من الانفجارات .
قلت : فإذا لم نجد الأخبار ، ماذا نكتب للقراء الأخيار ؟
قال : من جد وجد ، وعليك بأخبار البلد ، فقل مثلا : طلق اليوم أبو سرور زوجته أم مستور ، لخلاف نشب بينهم قبل شهور ، بسبب غلاء المهور .
وترقى أبو شريف ، إلى رتبة عريف ، بعد جهد عنيف ، وصبر منيف . وافتتحت اليوم بقالة ، في بلدة أبو عقالة ، صاحبها مبروك بن مرزوق ، خلف ظهرك إذا دخل السوق . وشاهد الناس اليوم شيئا في السماء ، كأنه زخات ماء ، فشعروا بالخطر ، وإذا هو زخات مطر . وطارد أحد المواطنين فارة ، حتى أخرجها من الحارة ، فماتت عند الإشارة .
Page 33