ما الذي كان يقصده الجندي هذه الإجابات؟ كان يقصد أن الدنيا ستتغير بقدرة الإنسان، بالعلم.
إيمان جوركي بالعلم كبير، كتب في 1912 يقول:
إن العلم قد أصبح المركز العصبي للأرض.
وفي 1935 كتب يقول عن استخدام العلم في روسيا:
إن الشعب يوجد علاقات جديدة بين الأنواع المختلفة من المادة، وبذلك تتغير الدنيا. •••
في إحدى الدرامات التي ألفها برناردشو يقف أحد الأشخاص ويندفع في نقاش يبدي فيه غضبه من أولئك المؤلفين الذين تباع مؤلفاتهم، فإذا فتحت الكتاب وشرعت تقرأ وجدت ما يتعسك من هموم ومشكلات ومآس يعرضها عليك المؤلف، فتحزن وتبتئس أو تسخط وتلعن.
ويقول هذا الشخص: إن المؤلف لهذا الكتاب تجب مقاضاته واسترداد ثمن الكتاب منه؛ لأنه باع سلعة مغشوشة؛ إذ هو يفهم من اقتناء كتاب ما أن مؤلفه يرفه عنه، ويلهيه معه، ويسليه، ويتيح له أن يقضي ساعة سعيدة يقرأ فيها عن الحوادث الطريفة في الأسلوب العذب، أما إن فعل العكس، وعرض عليه المشكلات الاجتماعية التي تحزنه، فإنه يعد غشاشا أخذ ثمن الكتاب بغير حق.
وكثير من قراء الصحف والكتب يطلبون اللهو والتسلية فيما يقرأون، ويجدون من يزودونهم بما يطلبون، وهم يبقون على هذه العادة طيلة حياتهم، ضمائرهم منومة في غيبوبة كما أن عقولهم مقفلة لا تستنير.
ولكن هناك نوعا آخر من الكتب المرة، يؤلفها الكاتب المر، الذي لا يختار لك ما يحلو وينوم ويخدر، ولا يستهدف العبارة الأنيقة أو الأسلوب العذب؛ لأنه إنما يعالج شأنا أعظم في حلاوة التعبير، أو لذة النادرة، أو طرافة النكتة.
إنه يعالج المشكلات الخطيرة للمجتمع والضمير، ولا ينفك يثير الغبار، ويحفر عن العفن المختبئ، ويفضح السرقة والغدر، ويحض على الثورة على المظالم، بل أحيانا يتعسك؛ لأنه يجعلك تقف على ما فيك أنت من تفاهة أو تراخ أو استهتار، وأنت تخرج بعد قراءتك له ونفسك مرة قد ازدادت الدنيا مشاكل في وجهك بدلا من أن تنقص، وقد ازددت أنت إحساسا بنقصك وأحمالك، فأنت تغضب وتسخط أو تحزن وتبتئس، أجل، ولكنك تستنير وتستيقظ، ولعل يقظتك هذه تكون وسيلة لأن تتغير وتتطور وترتقي في تقويم نفسك وزيادة إنسانيتك وإصلاح مجتمعك.
Page inconnue