============================================================
وتأويل الجاهلين، فكانت سببا أساسيا لتوحد المسلمين، واجتماع كلمتهم على الحق المبين: فضل وقد ظهرت حاجة المسلمين في هذا العصر أكثر من أي وقت مضى إلى استرجاع وحدتهم واثتلاف كلمتهم، نظرا لما حصل لرابطتهم من تمزق، ولأمرهم من تشتت، ولكلمتهم من تفرق، ولا شك أن أقوى شبل تحقيق الوئام وتحصيل الاتفاق والانسجام بينهم هو الاجتماع على أصول العقائد المهمة التي تشكل المرجعية الأساسية لكل ما يصدر عنهم من الأقوال والأفعال، إذهي الأمهات والأصول التي تنبني عليها سائر الفروع.
وقد كانت البلاد التونسية بعد الفتح الإسلامي واحدة من البلدان التي تجلت فيها مظاهر الوحدة العقدية، وارتفعت عنها فتن الفرق والطائفية، وذلك بما هيأ الله تعالى لها من العلماء الأفذاذ الذين حازوا قصب السبق في المعقول والمنقول، فحققوا العلم بالقواعد والأصول، ودانوا لله تعالى في المسائل الايمانية بمقتضى الكتاب والشنة، واتفقوا على ارتضاء منهج السادة الأشاعرة في تقرير العقائد المهمة، بل وكان لهم الفضل الكبير في تقويته وترسيخه في أقطار الغرب الاسلامي عامة، وبذلك توحدت عقيدة جمهور المسلمين شرقا وغربا، حتى صار الكتاب يصنف بنيسابور ويشرح في الأندلس، واصطبغت عقيدة أهل المذاهب السنية الأربعة بصبغة واحدة وهي عقيدة أهل السنة الأشاعرة.
Page 6