Logique et philosophie des sciences
المنطق وفلسفة العلوم
Genres
magnitude
كما نقول في اليوم)، أعني الضوء البادي منه، وحدد موقعه في أكثر اللحظات ملاءمة. (ج)
ويقف بعض علماء المناهج بالعرض التاريخي عند هذا الحد، زاعمين أن لوفرييه لم يكن في حاجة إلى السماء لكي يوقن بوجود الكواكب. على أن في هذا خطأ. فلا بد أن ينتهي الحساب إلى ملاحظة، وهي دون ريب ملاحظة تدخل فيها الذهن إلى حد بعيد، وأدى الحساب دورا كبيرا في التمهيد لها، ولكنها ملاحظة في نهاية الأمر. ودليل ذلك أن منهج لوفرييه قد طبق من بعده مرتين أخريين: الأولى من أجل تفسير انحرافات الكوكب الذي اكتشفه «بالحساب» والذي سمي باسم نبتون، وبهذه الطريقة كشف الكوكب «التالي لنبتون» وهو بلوتون. والمرة الثانية كانت لتفسر انحرافات عطارد. ولما كانت الطريقة قد نجحت في حالة نبتون وبلوتون، ما دام الكوكبان قد رئيا، فقد تعجل الباحثون وأطلقوا اسم «فلكان» على الكوكب الجديد، ولكن لم ير أحد فلكان هذا أبدا، وظل أسطورة رياضية. هذا إلى أن أينشتين قد فسر انحرافات عطارد بطريقة أخرى مختلفة عن هذه كل الاختلاف.
10
وقد ثبت وجود الكوكب «نبتون» عندما شوهد، وسرعان ما تمت هذه المشاهدة، وإن كان لوفرييه قد اضطر إلى الاستعانة بمرصد «برلين» المزود بآلات أدق، للكشف عن الكوكب. ولقد ظن بعضهم، من تقسيم العمل هذا، أن لوفرييه كان واثقا من وجود هذا العامل المعترض بمجرد أن قام بحساب عناصره، ولكن الأمر لم يكن كذلك على الإطلاق، إذ إن حساب لوفرييه حدد النقطة التي كان يجب أن يوجد فيها، ومرصد «برلين» قد قرر أنه يوجد هناك بالفعل.
ولعل القارئ قد لاحظ أننا أسمينا الظاهرة التي بدأ منها لوفرييه باسم باقي الانحراف. وتذكرنا كلمة «الباقي» هذه بالطريقة الرابعة من طرق مل، ولكن الواقع أنها إذا كانت تذكرنا بها، فما ذلك إلا لكي تكشف عن الخطأ الذي وقع فيه «استيوارت مل». فطريقة لوفرييه مثال ممتاز لطريقة البواقي الصحيحة؛ وذلك هو باقي النتيجة، أما باقي العلة، فلا يعطى أبدا، بل هو يخترع بتمامه، وفي هذا المثال، كان هذا الباقي هو نبتون (أو بلوتون) الذي لا يعدو أن يكون فكرة محضة. (5) مراحل المنهج ثلاث: من الواقعة إلى الواقعة عن طريق الفكرة
ينحصر المنهج في الصعود من مجال التجربة إلى عالم العقل، أي عالم الصيغ والمعادلات، ثم نعود فنهبط إلى عالم الواقع لكي نضمن الصلة بين المعقول والواقع. ونحن في ذلك أشبه بسجين الكهف عند أفلاطون؛ إذ يصعد من المحسوس إلى الأفكار، ومن الكهف إلى العالم الحقيقي الذي يغمره ضوء الشمس، ثم يعود فيهبط إلى الكهف لكي يهتدي فيه إلى المحسوس من جديد، وليفسره بالأفكار.
وإذا شئنا، قلنا بعبارة أفضل من هذه، إن التفكير في علم الطبيعة الرياضي يرسم دائرة، ولكن هذه الدائرة ليست «دورا فاسدا» على حد تعبير المناطقة، ويرجع ديكارت ذلك إلى أنه «لما كانت التجربة تضفي يقينا كبيرا على معظم نتائجها، فإن الأسباب التي استخلص منها هذه النتائج لا تستخدم في إثباتها بقدر ما تستخدم في تفسيرها. وإنما الأمر على عكس ذلك، فالنتائج هي التي تفسر الأسباب.»
11
ولنعبر عن هذا النص عظم التركيز، الذي صيغ في لغة تخالف اللغة الشائعة إلى حد ما، بتعبير آخر فنقول: إن التجربة تضفي اليقين على نتائج الأفكار التي نبتكرها (أو معلولاتها)، وبهذا لا تكون الأفكار (الأسباب) التي استنبطت منها هذه النتائج برهانا على الوقائع؛ بل هي تفسير لها، بينما البرهان يأتي على عكس ذلك ، من الوقائع. ولنقل بعبارة أخرى، إن الفكرة تفسر الوقائع، والوقائع تثبت صحة الفكرة. وكان من الممكن أن يكون في هذا دور، لو أن كلا من الفكرة والوقائع يبرهن على الآخر. (6) المرحلة الأولى: تحديد الوقائع: قياس الوقائع المختارة وتصحيحها وتفسيرها
Page inconnue