La logique illuminative chez Suhrawardi
المنطق الإشراقي عند السهروردي المقتول
Genres
وقد قسمت هذه الدراسة إلى ستة فصول؛ لأصور بها ملامح وأبعاد المنطق والتصوف عند السهروردي المقتول من شتى نواحيه، تصويرا تعتمد فيه الأجزاء بعضها على بعض؛ فحاولت في الفصل الأول أن أعرف شيئا من شخصيته؛ متى عاش؟ وبمن تأثر؟ ولماذا قتل؟ وأي كتب ألف؟
كذلك في هذا الفصل حاولنا أن نجيب عن كثير من التساؤلات التي واجهتنا من خلاله، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: هل استطاع السهروردي أن يحقق وحدة النظر والذوق، وأن يجمع بين المنطق والتصوف في منهج واحد؟ هل استطاع أن يحقق وحدة المنهج أم بقي ثنائيا؟ فهو منطقي فيلسوف يعتمد على العقل من ناحية، وصوفي إشراقي يعتمد على الذوق من ناحية أخرى. هل يمكننا اعتبار نقد السهروردي للمنطق الأرسطي وتعديلاته المقترحة تمثل الصوفية في شيء أم أنه نقد عقلي منطقي بحت؟
وفي الفصل الثاني ألقيت الضوء على المنطق وعلاقته بنظرية المعرفة الصوفية عند السهروردي. أما الفصل الثالث فقد خصصته للمنطق عند السهروردي وعلاقته بالمنطق الأرسطي. أما الفصل الرابع فقد تناول إشكالية نقد المنطق الأرسطي ومحاولة إصلاحه عند السهروردي والمناطقة المحدثين. ثم يأتي الفصل الخامس، وفيه عرضت للنزعة الصوفية في المنطق الأوروبي الحديث. أما الفصل السادس والأخير فقد حاولت فيه أن أتلمس أفكار وقضايا المنطق والتصوف عند السهروردي في المنطق الأوروبي الحديث، من خلال هذا العنوان «منطق السهروردي ومحاولة قراءة أفكاره في المنطق الحديث.»
وعلى ذلك فإن تناولنا لنقد المنطق الأرسطي من قبل السهروردي، وما طرحناه من بديل، قام على أساس أن ما طرحناه من آراء منطقية إنما يمثل جانبا من رؤية كلية أشمل تنعكس في مجمل آرائه ومباحثه، وما المنطق إلا جزء من هذا السياق الفكري العام؛ فغاية البحث بيان أثر المنطلقات الفكرية والعقدية والأيديولوجية في رؤية المفكر أو الفيلسوف لعملية المعرفة ووسائلها وغاياتها ودور العقل فيها.
وفي النهاية أتمنى أن تكون هذه الدراسة قد حققت ما كانت تهدف إلى تحقيقه؛ حتى تكون ثمرة من ثمار الفكر المفيد في الدراسات التي تهتم بتفاصيل جذور المنطق العربي في المنطق الحديث.
الفصل الأول
السهروردي ... حياته وآثاره
تمهيد
إن شهاب الدين السهروردي؛ هذه الشعلة الإشراقية العرفانية التي أخمدت بسرعة، بفعل الدس والتآمر والتعصب البغيض ، لم ينضب زيتها ويجف بجفاف جسده، بل لا يزال وميضه الروحي، وذوقه العرفاني، يتردد صداه في قلوب عارفيه حتى هذا اليوم، وسيدوم خالدا أبديا يجمع بين النظر والشعور إلى ما لا نهاية، كظل نوراني يمتد بفيئه ليرسم صورة حقيقية رائعة لأسمى معاني العرفان في ثوب الفلسفة والتأمل الفلسفي.
علاوة على ذلك، فإنه لا يمكن أن يتجاهل الكثير من الباحثين والمفكرين أن السهروردي قد قدم لنا مذهبا فلسفيا إنسانيا كاملا؛ حيث ناقش فيه قضايا الفلسفة من خلال المنظومة الرئيسية لها: الله-الكون-الإنسان، فيقدم مفهومه لكل منها، ومفهومه لعلاقة كل منها بالآخر، شأنه في ذلك شأن أي فليسوف. وهو في ذلك يقف على قدم المساواة مع أمثال أرسطو وأفلاطون.
Page inconnue