قال أبو الحسن: ما رأى أحفظ منه. قال: وحدثني أبو القسم الصفار أن جماعة من أصحاب الحديث كانوا ببغداد، فصاروا إليه، وسألوه أن يحدثهم في الدقائق، قال: فأملا «1» علينا من حفظه خمسة آلاف حديث، حتى ضجر.
فقال: كان يحفظ مائة ألف حديث، وكان أفقه الناس، وأعلمهم بالشروط، وكان من أصحاب الجعفرين، ومن أصحاب أبي موسى، وأخذ عنه أبو الحسين الخياط.
ومن هذه الطبقة: أبو الحسين الخياط «2» عبد الرحمن بن محمد بن عثمان، أستاذ أبي القاسم البلخي، وعبد الله بن أحمد، وكان أبو علي يفضل البلخي على أستاذه أبي الحسين.
قال القاضى: «كان الخياط عالما فاضلا من أصحاب جعفر، وله كتب كثيرة فى النقوض على ابن الراوندي، وكان فقيها، صاحب حديث، واسع الحفظ لمذاهب المتكلمين. قيل، سأل أبو العباس الحلبي أبا الحسين الخياط فقال: «أخبرني عن ابليس هل أراد أن يكفر فرعون؟» قال: «نعم»، قال الحلبي: «فقد غلب ابليس إرادة الله». قال أبو الحسين: «هذا لا يجب، فان الله تعالى قال «الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا» «3» وهذا لا يوجب أن يكون أمر ابليس غلب أمر الله، فكذلك الإرادة، وذلك لأن الله تعالى لو أراد أن يؤمن فرعون كرها لآمن».
وسئل عن قوله تعالى: «وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت «4»» فقيل: قد أخبر أنه جعل منهم عبد الطاغوت فقال: معناه حكم أنهم عبد الطاغوت، وسماهم بذلك. قلت: وسؤال السائل، إنما يستقيم على قراءة ما قرأ.
Page 72