أبا الهذيل جزاك الله من رجل ... فانت حقا لعمري مفصل جدل
وصالح هذا، كان ثنويا معروفا، وروى أنه ناظره مرة وقطعه، فقال: «على أي شيء تعزم يا صالح؟» قال: «استخير الله وأقول بالاثنين». فقال أبو الهذيل: «فأيهما استخرت لا أم لك»، إلى غير ذلك من مناظراته، كما روى محمد بن عيسى عن النظام قال: مات لصالح بن عبد القدوس ابن، فمضى إليه أبو الهذيل، ومعه النظام وهو غلام حدث، فرآه حزينا، فقال: «لا أعرف لجزعك وجها، إلا إذا كان الانسان عندك كالزرع»، فقال: «انما أجزع لأنه لم يقرأ كتاب «الشكوك» قال: «وما كتاب الشكوك»؟
قال: «كتاب وضعته، من قرأ فيه، شك فيما كان، حتى يتوهم أنه لم يكن، وفيما لم يكن، حتى يظن أنه قد كان. قال أبو الهذيل: «فشك أنت فى موت ابنك، واعمل على أنه لم يمت، وإن كان قد مات، فشك أنه قد قرأ لك الكتاب، وإن كان لم يقرأه!».
ومات أبو الهذيل وهو ابن مائة وخمسين سنة، ذكره القاضي عن محمد بن زكريا الغيلاني. وذكر الغيلاني في كتاب المشايخ، أن عمره مائة سنة، وقيل مائة وخمس، وذكر المرتضى، أنه مات أول أيام المتوكل، سنة خمس وثلاثين ومائتين.
قال ابن يزداد، فى كتاب المصابيح قال: حدثني أبو بكر الزبيرى قال: كنت «بسر من رأى»، لما مات أبو الهذيل فجلس الواثق في مجلس التعزية، وهذا يدل على أنه مات أيام الواثق. وذكروا أنه صلى عليه أحمد بن أبي دؤاد القاضي، فكبر عليه خمسا، ثم لما مات هشام بن عمرو، كبر عليه أربعا فقيل له في ذلك فقال: «إن أبا الهذيل كان يتشيع لبني هاشم، فصليت عليه صلاتهم، وأبو الهذيل كان يفضل عليا على عثمان، وكان الشيعي في ذلك الزمان من يفضل عليا على عثمان. ومات الواثق سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، ومات أحمد بن دؤاد فى سنة ثلاث وستين ومائتين، وهذا يدل على أن أبا الهذيل مات سنة خمس وثلاثين ومائتين، على ما ذكره المرتضى.
Page 46