وحكى «الكعبي» عنه أنه قال: يوصف «الباري» تعالى بأنه «مريد»، بمعنى أنه لا يصح عليه «السهو» في أفعاله، ولا «الجهل» ولا يجوز أن يغلب ويقهر.
وقال: إن الخلق كلهم من العقلاء، عالمون بأن الله تعالى خالقهم، وعارفون بأنهم محتاجون إلى النبي، وهم محجوجون بمعرفتهم.
ثم هم صنفان: عالم بالتوحيد، وجاهل به، فالجاهل معذور، والعالم محجوج ومن انتحل دين الإسلام، فإن اعتقد أن الله تعالى ليس بجسم، ولا صورة، ولا يرى بالأبصار، وهو عدل لا يجوز ولا يريد المعاصي، وبعد الاعتقاد واليقين، أقر بذلك كله، فهو «مسلم» حقا.
وإن عرف ذلك كله، ثم جحده وأنكره، وقال «بالتشبيه والجبر»، فهو «مشرك كافر» حقا.
وإن لم ينظر في شيء من ذلك كله، واعتقد أن الله تعالى ربه، وأن محمدا رسول الله، فهو «مؤمن» لا لوم عليه، ولا تكليف عليه غير ذلك.
وحكى «ابن الراوندي» عنه أنه قال: إن للقرآن جسدا يجوز أن يقلب مرة رجلا ومرة حيوانا. وهذا مثل ما يحكى عن «أبي بكر الأصم»، أنه زعم:
أن القرآن جسم مخلوق، وأنكر «الأعراض» أصلا، وأنكر «صفات» الباري تعالى.
ومذهب «الجاحظ»، هو بعينه مذهب الفلاسفة إلا أن الميل منه ومن أصحابه إلى الطبيعيين منهم، أكثر منه إلى الإلهيين.
11 - الخياطية والكعبية
Page 175