Manifestations of Polytheism
رسالة الشرك ومظاهره
Chercheur
أبي عبد الرحمن محمود
Maison d'édition
دار الراية للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الأولى ١٤٢٢هـ
Année de publication
٢٠٠١م
Genres
ـ[رسالة الشرك ومظاهره]ـ
المؤلف: مبارك بن محمد الميلي (أمين مال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين المتوفى سنة ١٩٤٥م)
تحقيق وتعليق: أبي عبد الرحمن محمود
الناشر: دار الراية للنشر والتوزيع
الطبعة: الأولى (١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م)
عدد الأجزاء: ١
أعده للشاملة/ أبو ياسر الجزائري
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
_________
ملاحظة: الصفحة ٣٤٩ بها بياض (قمت بإدخال المتن فقط للفائدة)
Page inconnue
طبعة جديدة مخرجة ومحققة
جميع الحقوق محفوظة لدار الراية
الطبعة الأولى
١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م
دار الراية للنشر والتوزيع
المملكة العربية السعودية
تمهيد واعتذار الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه. وأيّده بالآيات الظاهرة والمعجزات الباهرة ومن أعظمها القرآن، وأمدّه بملائكة السماء تقاتل بين يديه مقاتلة الفرسان ونصره بريح الصبا تحارب عنه أهل الزيغ والعدوان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ربّ العالمين وإله الأوّلين والآخرين، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه، وسفيره بينه وبين عباده فصلّى الله وملائكته وأنبياؤه ورسله الصالحون من خلقه عليه. أما بعد: فإنّما أردنا بهذه المقدّمة أن نعتذر لعملائنا الكرام عن تأخير طباعة " رسالة الشرك ومظاهره " والتي بين أيديكم الآن والتي كان مقرّرًا لها طباعتها في عام ١٤١٥هـ ولكن بعد أن استلمنا الكتاب من الصفّ جاهز للطباعة في نفس العام وجدنا أنّ به بعض الملاحظات، فبدا لنا أن نعرضه على أحد المشايخ، وكان كذلك أن أرسلنا نسخة لفضيلة الشيخ بكر أبو زيد، فقبله - جزاه الله خيرًا- على كثرة مشاغله، وأرسل إلينا بعد فترة ملحوظاته على الكتاب، وتمّت مراجعة الكتاب ثانية من قبل أبي الهيثم إبراهيم زكريّا بلجنة التحقيق بالدار وتمّ عمل تقرير إضافي وأرسلنا كليهما للأخ الشيخ أبو عبد الرحمن محمود الجزائري محقّق الكتاب، ثمّ أرسل إلينا النسخة بعد التصحيح وبعد مراجعة لجنة التحقيق بالدار تمّ عمل تقرير آخر باستدراكات أخرى، وتمّ إرساله للمحقّق، وضبطت النسخة وأُعيدت للصفّ لتجهيزها للطباعة، وها هي بين أيديكم- ومع هذا كلّه لا يخلو عمل بشري من التقصير، لذا فنحن نرحّب بأيّ تعقيب من الإخوة القرّاء وندعو الله أن يوفّق ويسدّد ويلهم إلى الصواب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الناشر
تمهيد واعتذار الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه. وأيّده بالآيات الظاهرة والمعجزات الباهرة ومن أعظمها القرآن، وأمدّه بملائكة السماء تقاتل بين يديه مقاتلة الفرسان ونصره بريح الصبا تحارب عنه أهل الزيغ والعدوان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ربّ العالمين وإله الأوّلين والآخرين، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه، وسفيره بينه وبين عباده فصلّى الله وملائكته وأنبياؤه ورسله الصالحون من خلقه عليه. أما بعد: فإنّما أردنا بهذه المقدّمة أن نعتذر لعملائنا الكرام عن تأخير طباعة " رسالة الشرك ومظاهره " والتي بين أيديكم الآن والتي كان مقرّرًا لها طباعتها في عام ١٤١٥هـ ولكن بعد أن استلمنا الكتاب من الصفّ جاهز للطباعة في نفس العام وجدنا أنّ به بعض الملاحظات، فبدا لنا أن نعرضه على أحد المشايخ، وكان كذلك أن أرسلنا نسخة لفضيلة الشيخ بكر أبو زيد، فقبله - جزاه الله خيرًا- على كثرة مشاغله، وأرسل إلينا بعد فترة ملحوظاته على الكتاب، وتمّت مراجعة الكتاب ثانية من قبل أبي الهيثم إبراهيم زكريّا بلجنة التحقيق بالدار وتمّ عمل تقرير إضافي وأرسلنا كليهما للأخ الشيخ أبو عبد الرحمن محمود الجزائري محقّق الكتاب، ثمّ أرسل إلينا النسخة بعد التصحيح وبعد مراجعة لجنة التحقيق بالدار تمّ عمل تقرير آخر باستدراكات أخرى، وتمّ إرساله للمحقّق، وضبطت النسخة وأُعيدت للصفّ لتجهيزها للطباعة، وها هي بين أيديكم- ومع هذا كلّه لا يخلو عمل بشري من التقصير، لذا فنحن نرحّب بأيّ تعقيب من الإخوة القرّاء وندعو الله أن يوفّق ويسدّد ويلهم إلى الصواب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الناشر
1 / 3
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 / 4
مقدمة التخريج
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ، فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ
أمّا بعد:
فهذه رسالة " الشِّرْكِ وَمَظَاهِرِهِ "، تأليف العلّامة السَّلَفي، مؤرّخ الجزائر، وأمين مال " جمعية العلماء المسلمين الجزائريين "، الشيخ مبارك بن محمد الميلي، رحمه الله تعالى، المتوفّى سنة (١٩٤٥م)، أضعها بين يديك أيّها القارئ الكريم، بعد أن بذلت جهدًا متواضعًا في تخريج أحاديثها وآثارها، وتصحيح ما وقع في الطبعات السابقة لها من أخطاء، واستدراك ما سقط من المؤلّف أو الطابع، حتى تقف عليها غضّةً طريّةً، مصحّحة منقّحة، على الصورة التي ترضيك وتسرّك إن شاء الله.
• الباعث على تخريج أحاديث الرسالة:
وقد دفعني إلى تخريج أحاديث وآثار لهذه الرسالة النافعة المباركة إن شاء الله أمور، من أهمها:
1 / 5
١ - أنّ " الرسالة" تُعَدُّ في أوليات الرسائل أو الكتب المؤلفة في نصر السنن وإماتة البدع، تقرّ بها عين السنة والسّنّيين، وينشرح لها صدور المؤمنين، وتكون نكبة على أولئك الغاشين للإِسلام والمسلمين، من جهلة المسلمين، ومن أحمرة المستعمرين، الذين يجدون من هذه البدع أكبر عون لهم على استعباد الأمم، فيتخذون لهذه البدع التي ينسبها البدعيون إلى الدين الإِسلامي مخدرًا يخدرون بها عقول الجماهير ... " (١).
٢ - أنها تبيّن بوضوح المنهج السلفي الصحيح، الذي كانت عليه جمعية العلماء- والمؤلف أحد أعضائها-، الذي " يتلخص في دعوة المسلمين إلى العلم والعمل بكتاب ربّهم وسنة نبيّهم، والسير على منهاج السلف الصالح في أخلاقهم وعباداتهم القولية والاعتقادية والعملية، وتطبيق ما هم عليه اليوم من عقائد وأعمال وآداب على ما كان في عهد السلف الصالح " (٢).
٣ - أنّ للمؤلف الشيخ مبارك الميلي رحمه الله تعالى على الأمّة الإِسلامية عمومًا والجزائرية خصوصًا- سيما طلبة العلم- حقوقًا، " بما علم وكتب، وبما نصح وأرشد، وبما ردّ على الدّين من عوادي المبتدعين، وبما وقف من مواقف في الإِصلاح الديني والدنيوي، فمن وفائنا له، ومن أدائنا لبعض حقّه: أن نعمل على ترويج الباقي من مؤلفاته المطبوعة، وإعادة طبعها طبعًا فنّيًّا مصحّحًا " (٣)، وفي مقدمتها رسالته العلمية المفيدة التي بين يديك، المنعوتة بـ " الشرك ومظاهره ".
_________
(١) ما بين المزدوجين " ... " من تقرير جمعية العلماء للرسالة، بقلم كاتبها العام الشيخ العربي التبسي رحمه الله تعالى، كما سيأتي إن شاء الله.
(٢) انظر التعليق السابق.
(٣) من مقال " ذكرى مبارك الميلي " للشيخ البشير الإبراهيمي ﵀ في " جريدة البصائر " (العدد ١٠٩، سنة ١٩٥٠م). انظر: " عيون البصائر " (٢/ ٦٦٦ - ٦٦٨).
1 / 6
٤ - وقوع عدد غير قليل من الأحاديث الضعيفة في الرسالة (*) (انظر الأرقام: ٥ و١٠ و١٨ و٢٣ و٢٤ و٢٧ و٣٦ و٤١ و٤٤ و٦١ و٦٥ و٧٧ و٧٩ و٨٣ و٨٥ و٩٥ و٩٧ و١٠٠ و١٠١ و١٠٤ و١٠٨ و١١٥ و١٢٠ و١٣١ و١٣٢ و١٣٦ و١٣٧ و١٤١ و١٤٣ و١٥٢ و١٥٨ و١٦٧ و١٧٢ و١٧٧ و١٧٨ و١٨٥ و١٩٣ و١٩٨ و١٩٩ و٢٢٥ و٢٢٦ و٢٢٧ و٢٣٥ و٢٤٤)، بل فيها ما هو ضعيف جدًّا (انظر الأرقام: ١٦ و٨٨ و١٣٠ و١٥٥ و٢٢٨ و٢٢٩ و٢٣١ و٢٣٢)، وبعض الأحاديث الباطلة أو الموضوعة (انظر الأرقام: ٣ و١٣٤ و١٣٥ و١٣٨ و١٥١ و١٧٠ و٢٥٣ و٢٣٦ و٢٤١)، مما زادني اندفاعًا لتخريجها، وبيان مراتبها، حتى يتميز الطيّب من الخبيث إن شاء الله.
وقد صدق المؤلف رحمه الله تعالى حين قال في وصف الرسالة ضمن المقدمة: " فهذه رسالة في موضوع بور، على أسلوب من عندي بكر، ولعلّ ذلك من أبين العذر وأوجب الصفح عما يكون بها من خلل وضعف، على أن النقص لا يسلم منه كلام، إلّا أن يكون وحيًا، فلا ينتظر مني ما فوق منة الكتاب، وحسبنا محاولة الإِتقان، والله المستعان ".
٥ - رغبة كثير من أهل الخير والفضل في تحقيق الكتاب وتخريج أخباره، وفي مقدمتهم مدير دار الراية بالرياض- حفظه الله وبارك فيه- في خطابه المؤرخ في (١٩/ ٥/ ١٤١٤هـ)، وممّا جاء فيه قوله:
" لقد سررنا حينما علمنا أن فضيلتكم على وشك الانتهاء من تحقيق كتاب " الشرك ومظاهره " للعلّامة السلفي مبارك الميلي ﵀، وإن دار الراية للنشر والتوزيع لتتشرف بطباعة هذا الكتاب ... ولا يخفى على فضيلتكم سبب رغبتنا
_________
(*) وقد نبّه المؤلفُ نفسُه على عدم ثبوت بعضها، جزاه الله خيرًا.
1 / 7
في نشر هذا الكتاب، إذا علمتم أن دار الراية تحرص دائمًا على نشر أعمال السلف الصالح ".
مما شجَّعني على إتمام هذا التخريج، ثم تبييضه، بعد أن ظلّ عندي مسوَّدةً بضع سنين، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
• منهجي في التخريج:
وقد سلكتُ في تخريج أحاديث الرسالة وآثارها المنهج التالي:
١ - إنْ كان الحديثُ أو الأثرُ في " الصحيحين " أو في أحدهما، اكتفيتُ - غالبًا- بالعزو دون ذكر المرتبة (١)، لأن العزو لهما يفيد الصحه كما لا يخفى.
٢ - فإنْ كان خارج " الصحيحين "، فهنا حالتان:
أ- إمّا أن أقف على من صحّحه أو ضعّفه من الحفاظ المحققين كابن تيمية وابن القيم والذهبي وابن حجر رحمهم الله تعالى، أو من أهل العلم والمعرفة بالحديث من المعاصرين كالشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى وشيخنا الألباني حفظه الله تعالى، وغيرهم، فإن اتفقوا على قبول الحديث أو ردّه فالقول قولهم، وإلاّ فالترجيح- إن أمكن- وفق القواعد العلمية.
ب- إذا لم يتيسر لي الاطلاع على كلام أهل الصنعة فيه (٢)، أفرغتُ جهدي وبذلتُ ما في وسعي في سبيل التوصل إلى معرفة درجته، معتمدًا القواعد العلمية المقررة في علم " مصطلح الحديث ورجاله ".
وفي الحالين أصدّر تخريج الحديث أو الأثر بذكر مرتبته (٣). صحة أو ضعفًا، قبولًا أو ردًاّ، تيسيرًا وإفادة للقارئ.
_________
(١) انظر الأرقام: (١ و٨ و٩ و١٣ و١٤ و١٥ و١٧ و١٩ و٢١ و٢٢ و...) وغيرها.
(٢) انظر على سبيل المثال الأرقام: (٧ و١٠ و٣٤ و٣٦ و...).
(٣) وقد لا أذكرها بل أضع مكانها نقاطأ أو علامة (؛) إذا لم أقف على إسناده ولا حكم أهل الفن فيه، كالأرقام: (٤ و٢٠ و١١٨ و١٩٨ و٢١٤).
1 / 8
٣ - استعنتُ ببعض الرموز الرياضيه المساعدة على الاختصار وأنا أحيل القارئ على بعض المصادر، فأقول مثلًا:
انظر: " صحيح [سنن أبي داود " (رقم ...)، و" سنن الترمذي " (رقم ...)، و" الجامع الصغير " (رقم ...)]، إشارة مني إلى أن لفظ " صحيح " مشترك بين المصادر التي تضمنتها الحاضنتان.
٤ - اعتمدتُ في تخريج أحاديث " المسند " للإمام أحمد طبعتين:
الأولى: طبعة دار المعارف بمصر، في عشرين جزءًا، قام الشيخ العلاّمة أحمد شاكر رحمه الله تعالى بتحقيق وتخريج أحاديث (١٦) جزءًا (١) منها، مع ترقيمها.
والأخرى: مصورة المكتب الإسلامي ببيروت عن دار صادر، في (٦) مجلدات.
٥ - كما كان جُلّ اعتمادي على الطبعة التازية لـ " سنن أبي داود " (مجلد/ جزءان)، باستثناء أحاديث معدودة خلت منها، فكنتُ أرجع إلى طبعة محي الدين عبد الحميد ﵀ المرقمة (٢).
* وبعد أن أنهيتُ التخريج بعون الله وتوفيقه، بدا لي القيام بما يلي خدمةً للرسالة ونصحًا للقراء.
١ - تخريج الآيات القرآنية بالإحالة على مواضعها في كتاب الله، فأذكر السورة ثم رقم الآية وأجعلهما بين حاصرتين، كلّ ذلك في المتن.
٢ - وضع ترجمة موجزة للشيخ العلاّمة مبارك الميلي رحمه الله تعالى، مؤلّف الرسالة، فيها نُبَذٌ مُختصَرة عن حياته وآثاره.
_________
(١) فإذا كان الحديث خارج هذه " الأجزاء "، رجعت إلى طبعة المكتب، مشيرًا إلى ذلك حتى يميز القارئ هذه عن تلك.
(٢) انظر الأرقام: (٢١٠ و٢١١ و٢١٥ و٢١٨ و٢٢٠ و٢٢٥).
1 / 9
٣ - تصحيح الأخطاء المطبعية التي شانت الطبعات السابقة (١) للرسالة، بقدر ما يمكن إلاّ ما شاء الله مما هو من طبع البشر!
٤ - الإبقاء على تعليقات معدودات نافعات علّقها القائمون على نشرة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، مع الإشارة إلى ذلك.
٥ - صنع فهارس تفيد القارئ وهي:
- فهرس الآيات القرآنية.
- فهرس الأحاديث والآثار.
• " تنبيه ":
وأمّا " مواد الرسالة " (٢) وكذا " المحتويات "، فهما من أصل الرسالة من وضع المؤلف رحمه الله تعالى.
• شكرٌ وتقديرٌ:
وأخيرًا لا أنسى أن أشكر كلّ من ساهم في إخراج هذه الرسالة النافعة: " الشرك ومظاهره " بهذه الصورة المشرقة التي تَسُرُّ القارئين، فإنه " من لم يشكر الناس لم يشكر الله " (٣) كما قال المصطفى ﵌، وأخص
_________
(١) وقد وقفت على أربع منها:
الأولى. في المطبعة الإسلامية الجزائرية بقسنطينة سنة (١٣٥٦هـ- ١٩٣٧م) (أي في حياة المؤلف). وعليها جرينا في التحقيق والتخريج لأنها أحسن الطبعات وأتمها.
الثانية: نشر مكتبة النهضة الجزائرية سنة (١٣٨٦هـ - ١٩٦٦م).
الثالثة: في مطبعة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية سنة (١٣٩٧هـ - ١٩٧٧م).
الرابعة: في دار البعث بقسنطينة (لا تطولها يدي الآن فلعلّها في سنة ١٩٨٢ - ١٩٨٤م).
(٢) ذكر المؤلف فيها (١٠٨) مصدرًا كما في الطبعة الأولى للرسالة، خلافًا للطبعات الأخرى فقد وقع فيها سقط إذ تتابعت على إثبات (٢٨) منها فقط!
(٣) انظر: " صحيح الجامع الصغير " (٦٤١٧).
1 / 10
منهم بالذكر:
- الشيخ الفاضل بكر أبو زيد- حفظه الله ورعاه- على ملحوظاته القيّمة وتعليقاته الثمينة حول عملي في الرسالة، فله مني الثناء العاطر، ومن الله الثواب الجزيل وأن يجعل ذلك في ميزان حسناته.
- " دار الراية " والقائمين عليها، على العمل الجاد والجهد الطيّب.
أسأل الله العليّ العظيم أن يجعل أعمالي كلّها صالحة ولوجهه خالصة وأن لا يجعل لأحد فيها شيئًا، اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، وأعوذ بك من شرّ الفتن ما ظهر منها وما بطن، ربّ اغفر لي خطئي وعمدي، وهزلي وجدّي، وكلّ ذلك عندي. وصلِّ اللهمّ على عبدك ورسولك محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وكتب:
أبو عبد الرحمن محمود
الجزائر في ٢٥ محرّم ١٤١٥هـ
• • • • •
1 / 11
نبذة مختصرة عن العلامة الشيخ
مبارك الميلى الجزائرى ﵀
• اسمه ونسبه ومولده:
هو مبارك بن محمد إبراهيمي الميلي الجزائري.
ولد ﵀ سنة (١٨٩٨م- ١٣١٦هـ) تقريبًا في " دوار أولاد أمبارك " من قرى الميلية من أحواز قسنطينة.
• نشأته:
نشأ الشيخ مبارك بالبادية نشأة القوة والصلابة والحرية، وربي يتيمًا، فبُعيد وفاة والده محمد، توفيت أمه: تركية بنت أحمد بن فرحات حمروش، فكفله جده " رابح " ثم عمَّاه: علاوة وأحمد.
نزح إلى بلدة " ميلية " التي كانت تستقطب طلاب حفظ القرآن بصدر رحب وكرم مشكور وهناك حفظ القرآن، وزاول الدروس العلميّة الابتدائيّة على الشيخ الزّاهد: ابن معنصر الميلي، وقد أهلته هذه الدروس للالتحاق بدروس الشيخ العلاّمة عبدالحميد بن باديس بالجامع الأخضر، وهناك وجد بغيته في دروس الأستاذ الحية، وتلقى منه الأفكار الإصلاحية بحماس وإيمان، فكان من أنجب تلاميذه ومن الجادين المجتهدين الراغبين في التحصيل فأعجب به أستاذه وأحبه كثيرًا وقربه إليه.
• رحلته في طلب العلم وشيوخه:
التحق الشيخ مبارك بجامع الزيتونة المعمور بتونس: المنبع الأصلي الذي
1 / 13
ارتوى منه أستاذه الأكبر: ابن باديس، وانخرط في سلك تلاميذه، وأخذ عن جلّة رجال العلم والمعرفة به ممّن انتفع بهم أستاذه قبل، منهم: الشيخ محمد النخلي القيرواني، والشيخ محمد الصادق النيفر والشيخ محمد الطاهر بن عاشور، والشيخ بلحسن النجار، والأستاذ محمد بن القاضي وغيرهم.
وقد كان في هذه السنوات التي قضاها هناك مثالًا للطالب المكب المجتهد، وأنموذجًا للشاب الشهم المهذّب، فرجع من تونس بشهادة التطويع سنة (١٩٢٤م).
• أعماله:
وبعد التحصيل على شهادة " الجامع " رجع إلى وطنه معاهدًا ربه أن تكون حياته حياة جد ونشاط لنفع وخدمة دينه، فشرع بعد تخرجه مباشرة يعلم بمكتب " سيدي بومعزة " و" سيدي فتح الله " بقسنطينة، وتصدى لبث روح التربية الإسلاميه في البنين والبنات، وأنار عقولهم بما أتاه الله من الحكمة والتفكير والمهارة في التصوير.
- قال الأستاذ عبد الحفيظ الجنان ﵀:
" وبعد تحصيله على شهادة التطويع رجع إلى قسنطينة، حاملًا معه " مسودة قانون أساسي " ليحث الطلاب وأهل العلم على إنشاء مطبعة كبرى تطبع المخطوطات، وتنشر الجرائد والمجلات لتحي أمته حياة عملية لانظرية، ووجد أستاذه عبد الحميد قد بعث بقلمه صيحة مدوية في أرجاء الوطن داعية إلى الخلاص من ربقة الشرك والتحرر من أغلال العبودية فأصدر جريدة " المنتقد " ثم أخرج بعدها " الشهاب " الأسبوعي، وظل كذلك يكافح وحده إلى أن رفع مبارك قلمه وانضوى تحت لواء أستاذه بالأمس وصاحبه في الحال، وقال له: ها أنا ذا فكان الفتى المقدام والمناصر الهمام " (١).
_________
(١) " البصائر " العدد (٢٧) من " السلسة الثانية ".
1 / 14
فكان ﵀ يشارك في تحريرهما ويساهم في تحبير المقالات النافعة لهما بإمضائه الصريح مرة وبإمضاء " بيضاوي " مرة أخرى.
وفي سنة (١٩٢٦) انتقل الى الأغواط بدعوة من أهلها، فوجد منهم الإقبال العظيم، والتفت حوله ثلة من الشباب نفخ فيهم روح العلم الصّحيح والتفكير الحر، وقضى في هذه البلدة سبع سنوات أسس فيها " مدرسة الشبيبه " وهي من أولى المدارس العصرية النادرة في ذلك الوقت، كما أسس بعدها " الجمعية الخيرية "، لإسعاف الفقراء والمساكين والأيتام، فكان لها قدم في ميدان البرّ والإحسان.
وكان له دروس ليليّة في الوعظ والإرشاد يلقيها بالمسجد على عامة الناس مما كان له الأثر البالغ في النفوس وكذلك كان يخرج إلى " الجلفة "، شمالًا، " وبوسعادة "، شرقًا، " وآفلو " غربًا لإلقاء مثل تلك الدروس من حين إلى آخر على أهلها فيدعوهم للإصلاح والتمسك بالكتاب والسنة ونفض غبار الجهل والكسل ومحاربة البدعة في الدين.
لقد أنشأ الشيخ ﵀ في الأغواط حركة علمية قوية وَسَيَّر منها البعثات الدراسية نحو " جامع الزيتونة " على غرار ما كان يفعل أستاذه ابن باديس.
وفي سنة (١٩٣١) أسست " جمعية العلماء المسلمين الجزائريين " فانتخب الشيخ مبارك عضوًا في مجلس إدارتها وأمينًا لماليتها.
ثم رجع الشيخ بعد السنوات التي قضاها في الأغواط إلى موطن الصبا ميلة فأنشأ فيها جامعًا عظيمًا كان خطيبه والواعظ والمرشد فيه، ومدرسة " الحياة " التي أشرف على سير التعليم فيها، و" نادي الإصلاح " الذي يحاضر فيه.
ثم أُسندت إليه- رحمه الله تعالى- رئاسة تحرير جريدة " البصائر "
1 / 15
الأسبوعية بعد أن تخلى عنها الشيخ الطيب العقبي ﵀ فاضطلع بالمهمّة وقام بواجبه أحسن قيام رغم مرض " السكري "، الذي أنهك قواه إلى أن قررت " جمعية العلماء " السكوت في سنة (١٩٣٩)، فاحتجبت " البصائر " عن الصدور.
• تلاميذه:
كانت حياة الشيخ مبارك رحمه الله تعالى مباركة طيّبة، فقد أمضاها في الجهاد والتضحية، وفي التعليم والتربيه، وفي التثقيف والتزكية، والوعظ والإرشاد، والكتابة والتأليف، وكانت الأيام التي قضاها بالأغواط هي أخصب أيامه في الإنتاج بأنواعه وكان من ثمارها أن تخرج على يده جمع عظيم من طلبة العلم وحملته، وأنصار الإسلام ودعاته، منهم:
١ - الشيخ أبو بكر الأغواطي.
٢ - الأستاذ أحمد قصيبة.
٣ - الإمام أحمد شطة.
٤ - الشيخ عمر النصيري.
- يقول الأستاذ أحمد بن ذياب ﵀:
" ولقينا- ونحن تلامذة- بتونس أبناء الشيخ مبارك من خريجي مدرسة الأغواط، فكنّا نشيم في مخايلهم آيات جلال مربيهم، ونلمح في قرائحهم آثار المقتدر الذي نور عقولهم، وصفى أذهانهم، فكنا نعجب بهم، ونتمنى لو أتيح لنا أن نروي من الفيض الذي منه نهلوا " (١).
• أخلاقه:
كان ﵀ قويّ الإرادة يغلب على أعماله الجدّ مع الصراحة، وكان ذا شجاعة أدبية متصلبًا في الحق، دقيق الملاحظة، وكان يحب العمل الدائم
_________
(١) انظر: مجلة " الثقافة " - العدد (٣٧).
1 / 16
المتواصل وكان يكره الكسل ويمقت الكسالى من تلاميذه أو من زملائه، وكان أيضًا كريم النفس، حسن المعاشرة، حليمًا بشوشًا، محبًا لتلاميذه، محترمًا لأصدقائه، وكان متواضعًا، يكره الإعلان عن شخصه، وكثيرًا ما يفر من مواطن الظهور، ولا يحب أن يلفت الأنظار إليه.
- يقول تلميذه أحمد قصيبة:
" وفي سنة (١٩٤٠ م) لما توفي الأستاذ الجليل الشيخ عبد الحميد ﵀، عُيّن خلفًا له لإدارة شؤون " الجامع الأخضر " والإشراف على الدروس، فلما تربّع ذات يوم على مقعد أستاذه الراحل العظيم، وجلت نفسه، وعظم الأمر لديه، وأثر فيه هول الموقف من تذكر رئيسه وأستاذه حتى سالت عبراته سخينة على خديه تواضعًا وإشفاقًا على نفسه أن تغتر أو تتطاول بتبوئها ذلك المقعد " (١).
- وقال فيه الأستاذ أحمد توفيق المدني رحمه الله تعالى:
" إن قرّر مسألة فبقوة وإيمان واقتناع، وإن جادل فبالتي هي أحسن، وإن خالفك في الرأي فمن غير عناد أو تعصب، وإن حاضر أو سامر فالدرّ المنثور، وأنهار من عسل مصفّى، كل ذلك في تواضع محمود وخلق كريم، وأريحيه فاضلة، وشهامة وشمم بلغا درجة الكمال " (٢).
• ثناء أهل العلم والفضل عليه:
- قال أمير البيان شكيب أرسلان رحمه الله تعالى:
" وأمّا «تاريخ الجزائر» فوالله ما كنت أظن في الجزائر من يفري هذا الفري، ولقد أعجبت به كثيرًا، كما إني معجب بكتابة ابن باديس، فالميلي وابن باديس والعقبي والزاهري: حملة عرش الأدب الجزائري الأربعة " (٣).
_________
(١) انظر: " البصائر " - العدد (٢٦) من " السلسلة الثانية ".
(٢) انظر: " البصائر " - العدد (٢٦).
(٣) انظر: مقدمة " تاريخ الجزائر " (١/ ١١) بقلم محمد بن مبارك الميلي.
1 / 17
- وقال العلاّمة الشيخ محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى:
" حياة كلّها جدّ وعمل، وحي كلّه فكر وعلم، وعمر كلّه درس وتحصيل، وشباب كلّه تلقٍّ واستفادة، وكهولة كلّها إنتاج وإفادة، ونفس كلّها ضميرٌ وواجبٌ، وروح كلها ذكاء وعقل، وعقل كلّه رأي وبصيرة، وبصيرة كلّها نور وإشراق، ومجموعة خلال سديدة وأعمال مفيدة قلَّ أن اجتمعت في رجل من رجال النهضات، فإذا اجتمعت هيأت لصاحبها مكانه من قيادة الجيل، ومهّدت له مقعده من زعامة النهضة.
ذلكم مبارك الميلي الذي فقدته الجزائر من ثلاث سنين، ففقدت بفقده مؤرخها الحريص على تجلية تاريخها المغمور، وإنارة جوانبه المظلمة، ووصل عراه المنفصمة، وفقدته المحافل الإصلاحية ففقدت منه عالمًا بالسلفية الحقة عاملًا بها، صحيح الإدراك لفقه الكتاب والسنّة، واسع الاطلاع على النصوص والفهوم، دقيق الفهم لها، والتمييز بينها والتطبيق لكلياتها، وفقدته دواوين الكتابة ففقدت كاتبًا فحل الأسلوب، جزل العبارة، لبقًا بتوزيع الألفاظ على المعاني، طبقة ممتازة في دقة التصوير والإحاطة بالأطراف وضبط الموضوع والملك لعنانة، وفقدته مجالس النظر والرأي ففقدت مدرهًا لا يبارى في سوق الحُجّة وحضور البديهة وسداد الرميّة والصلابة في الحق والوقوف عند حدوده، وفقدته " جمعية العلماء " ففقدت ركنًا باذخًا من أركانها، لا كلًا ولا وَكلًا، بل نهّاضًا بالعبء، مضطلعًا بما حُمّل من واجب، لا تؤتى " الجمعية " من الثغر الذي تكل إليه سدّه، ولا تخشى الخصم الذي تسند إليه مراسه، وفقدت بفقدة عَلَمًا كانت تستضيء برأيه في المشكلات، فلا يرى الرأي في معضلة إلاّ جاء مثل فلق الصبح " (١).
ثم قال: " يشهد كل من عرف مباركًا وذاكره أو ناظره أو سأله في شيء مما
_________
(١) انظر: " البصائر " - العدد (٢٦) " وأثار محمد البشير الإبراهيمي " (٣/ ٣٩ - ٤٣).
1 / 18
يتذاكر فيه الناس أو يتناظرون أو يسأل فيه جاهله عالمه أو جاذبه الحديث في أحوال الأمم ووقائع التاريخ وعوارض الاجتماع، أنه يخاطب منه عالمًا أيّ عالم، وأنه يناظر منه فحل عراك وجدل حكاك، وأنه يساجل منه بحرًا لا تخاض لجته وحبرًا لا تدحض حجته، وأنه يرجع منه إلى عقل متين ورأي رصين ودليل لا يضل ومنطق لا يختل، وقريحة خصبة وذهن صيود وطبع مشبوب وألمعية كشافة.
هكذا عرفنا مباركًا وبهذا شهدنا، وهكذا عرفه من يُوثق بمعرفتهم ويُرتاح إلى إنصافهم ويطمأنّ إلى شهادتهم، لا نختلف في هذا ".
- وقال الأستاذ المؤرّخ أحمد توفيق المدني رحمه الله تعالى:
" لقد كان من رجالنا المعدودين، وكأن من بُناة قوميتنا المذكورين، وكان من الذين خلّدوا أسماءهم بأعمالهم الجليله، وجهادهم الموفق في صفحات التاريخ الوطني الحافل الثري ".
" كان ﵀ أوّل من عرفت في القطر الجزائري من رجال العمل الصحيح والوطنيه الحقة ".
" وأقسم أنني ما عملت مع أحد عملًا أحب إلي وأمتع لنفسي- إذا استثنيت سني الجهاد ضمن الحزب الدستوري التونسي- من عملي ذلك، خلال تلك الفترة القصيرة إلى جانب مبارك الميلي.
ولقد رأيت فيه يومئذِ خلالًا جَعَلَتْه في نظري نموذج المؤرخ الصادق، وهذه شهادة أؤديها للمعاصرين وللأجيال: صبر على البحث، وغلوّ في التحقيق والتدقيق، ومهارة منقطعة النظير في المقابلة بين النصوص، ونظرة صائبة في استجلاء الغوامض، وحكم صادق في أسباب الحوادث ونتائجها، ومهارة في الترتيب والتبويب، وحسن سبك يجعل التاريخ كلّه كالسلسلة المفرغة " (١).
_________
(١) " البصائر " - العدد (٢٦).
1 / 19
- وقال الأستاذ أحمد حماني:
" العلاّمهّ الجليل الشيخ مبارك بن محمد الميلي ﵀، أكبر تلاميذ الأستاذ ابن باديس ومدرسته علمًا وفضلًا وكفاءة، وأحد علماء الجزائر وبناة نهضتها العربية الإصلاحية الأفذاذ، وأوّل من ألّف للجزائر باللغة العربية والعاطفة الوطنية تاريخًا قوميًا وطنيًا نفيسًا " (١).
- وقال تلميذه الشيخ أبو بكر الأغواطي رحمه الله تعالى:
" عرفنا من الأستاذ مبارك الميلي ﵀ صفات قلَّ بيننا اليوم من يتصف بها، وهي التي جعلت منه علمًا من أعلام نهضتنا ورجلًا من خيرة رجالنا، تلك هي حبّ العمل والجدّ فيه، وتحمل الأعباء والمصابرة على تحقيق أهداف عليا، وكلها ترجع إلى متانة خلقه وصدق عزيمته، وسداد تقديره ومحكم تدبيره ".- (٢)
• آثاره العلمية:
على الرغم من عمره القصير (٤٧ عامًا)، وملازمة المرض له، واشتغاله بتأليف الرجال عن تصنيف الكتب، فقد خلف الشيخ مبارك رحمه الله تعالى سِفْرين نافعين:
الأوّل: ـ[تاريخ الجزائر في القديم والحديث]ـ في جزئين (٣)، وهو كتاب حافل، أثنى عليه غير واحد، منهم شيخه العلامة ابن باديس ﵀ الذي بعث إليه برسالة (٤) جاء فيها:
_________
(١) انظر: " صراع بين السنة والبدعة " (٢/ ١٣).
(٢) " البصائر " - العدد (٢٦).
(٣) ولم يتمه بل توقف عند ابتداء الدور العثماني، ثم أضاف نجله محمد بن مبارك الميلي جزءًا ثالثًا في الدور المذكور، والكتاب يحتاج إلى تكميل.
(٤) بتاريخ (١٥/ ١/ ١٣٤٧ هـ) من " حصن الماء " - برج الكيفان- حاليًا.
1 / 20
" وقفت على الجزء الأول من كتابك " تاريخ الجزائر في القديم والحديث "، فقلت: لو سميته " حياة الجزائر " لكان بذلك خليقًا، فهو أوّل كتاب صوّر الجزائر في لغة الضاد صورة تامة سويّة، بعدما كانت تلك الصورة أشلاء متفرقة هنا وهناك. وقد نفخت في تلك الصورة من روح إيمانك الديني والوطني ما سيبقيها حيّة على وجه الدهر، تحفظ اسمك تاجًا لها في سماء العُلا، وتخطّه بيمينها في كتاب الخالدين.
أخي مبارك!
إذا كان من أحيا نفسًا واحدة فكأنما أحيا الناس جميعًا، فكيف من أحيا أمة كاملة؛ أحيا ماضيها وحاضرها وحياتها عند أبنائها حياة مستقبلها؛ فليس والله كفاء عملك أن تشكرك الأفراد ولكن كفاءة أن تشكرك الأجيال " (١).
الآخر: ـ[رسالة الشرك ومظاهره]ـ (٢): وهو كتابٌ نفيس في بابه، فريدٌ في موضوعه، لم ينسج على منواله، وقد أقرّ المجلس الإداري لـ " جمعية العلماء " ما اشتمل عليه، ودعا المسلمين إلى دراسته والعمل بما فيه، وحرّر هذا التقرير كاتبها العام الشيخ العربي التبسي رحمه الله تعالى بقلمه، فعدها " في أوليات الرسائل أو الكتب المؤلفة في نصر السنن وإماتة البدع، تقرّ بها عين السنة والسنين، وينشرح لها صدور المؤمنين، وتكون نكبة على أولئك الغاشين للإسلام والمسلمين من جهلة المسلمين ومن أحمرة المستعمرين الذين يجدون من هذه البدع أكبر عون لهم على استعباد الأمم، فيتخذون هذه البدع التي ينسبها البدعيون إلى الدين الإسلامي مخدّرًا يخدّرون بها عقول الجماهير وإذا تخدّرت العقول وأصبحت تروّج عليها الأوهام وجدت الأجواء التي يرجوها غلاة المستعمرين للأمم المصابة برؤساء دينيين أو دنيويين يغشّون أممهم ويتاجرون
_________
(١) مقدمة " تاريخ الجزائر " (١/ ٩ - ١٠).
(٢) نشر الفصول الأولى منها في جريدة " البصائر " ثم جمعها فى كتاب، طبع لأول مرة في المطبعة الإسلامية الجزائرية سنة (١٩٣٧م) ثم أعيد نشره أكثر من مرة.
1 / 21
فيها " (١).
كما ترك الشيخ رحمه الله تعالى مجموعة من المقالات القيّمة والبحوث النافعة والتعليقات البديعة في جرائد ومجلات " جمعية العلماء "، كـ " المنتقد " و" الشهاب " و" البصائر " (٢) وغيرها مما لو جمع لكان مُصَنَّفًا جليلًا (٣). وبالإضافة إلى كل ذلك، هناك " الرسائل الخاصة " التي كانت متداولة بينه وبين الشباب، وقد أربت على " مائتي رسالة "، فيها الأخوية الودية، وفيها العلمية ذات الوزن في التحقيق والتدقيق، وفيها الأدبية الرائعة، والتاريخية التي تشير إلى وثائق خاصة في عهد من العهود، أو تثير تساؤلات حول شخصية فذة أو عبقرية تحتاج إلى تقديمها، في الإطار المهذب واللون الباهر والبيان الكاشف، حتى توضع موضعها اللائق بها من تراثنا الثري، وأدبنا الغني، وماضينا المجاهد " (٤).
• وفاته:
بعد خروج الشيخ مبارك ﵀ من " الأغواط " حوالي (١٩٣٣م)، ابتلي بداء عضال ومرض مزمن مضني، أنهك قواه ونغّص عليه حياته، ألا وهو " داء السكري "، وقد حاول الشيخ علاجه غير مرّة في الجزائر بل وخارجها فسافر من أجله إلى " فيشي " بفرنسا، لكنه سرعان ما عاوده، كما وقع له عند سماعه خبر وفاة شيخه العلاّمة ابن باديس في (١٦ إبريل ١٩٤٠) قال ﵀:
" عندما سمعت لدى وصولي إلى قسنطينة بموته شعرتُ أن الدورة الدموية أصبحت تسير في عكس الاتجاه المعهود، وعرفت في الحين أن داء
_________
(١) رسالة " الشرك ومظاهره " [ص:٧].
(٢) انظر على سبيل المثال الأعداد (٧ و٨ و٢١ و٢٨ و٢٩ و٣٠ و٣١ و٣٣ و٤٥ و٤٨ و٩٠ و٩١ و٩٣ ...) من السلسلة الأولى منها.
(٣) والنية منعقدة على جمعها في كتاب، فلعلّ الله ييسر ذلك قريبًا بمنه وكرمه.
(٤) انظر: مجلة " الثقافة "، العدد (٣٧).
1 / 22