وجاء في أثر يروى عن كعب قال: "نجده مكتوبا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا فظ ولا غليظ، ولا صخاب بالأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكنه يعفو ويغفر، وأمته الحمادون يكبرون الله عز وجل على كل ن-جد، ويحمدونه في كل منزلة ... "، رواه الدارمي في مقدمة سننه.
وفي الجنة بيت يقال له بيت الحمد، خص للذين يحمدون الله في السراء والضراء ويصبرون على مر القضاء، روى الترمذي بإسناد حسن عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ولد العبد قال الله - تعالى - لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع. فيقول الله - تعالى -: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد". فهذا حمد الله على الضراء فنال بحمده هذه الرتبة العلية، ولكن كيف يبلغ العبد هذه المنزلة، وكيف يصل إلى هذه الدرجة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "والحمد على الضراء يوجبه مشهدان:
أحدهما: علم العبد بأن الله - سبحانه - مستوجب ذلك، مستحق له بنفسه، فإنه أحسن كل شيء خلقه، وأتقن كل شيء، وهو العليم الحكيم، الخبير الرحيم.
والثاني: علمه بأن اختيار الله لعبده المؤم-ن خير من اختياره لنفسه، كما روى مسلم في صحيحه وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له"، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن كل قضاء يقضيه الله للمؤمن الذي يصبر على البلاء ويشكر على السراء فهو خير له". اه.
Page 270