وقال التاج أيضًا في " الطبقات الوسطى ": الشيخ الإمام، شيخ الإسلام، أستاذ المتأخرين، حجة الله على اللاحقين، ما رأت العين أزهد منه في يقظة ولا منام، ولا عاينت اكثر اتباعًا منه لطرق السالفين، من أمة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. له التصانيف المفيدة، والمناقب الحميدة، والخصائل التي جمعت طارف كل فضل وتليده، والورع الذي خرَّب به دنياه وجعل دينه معمورًا، والزهد الذي كان يحيى به سيّدًا وحصورًا. هذا إلى قدر في العلم لو أطلّ على المجرّة لما ارتضى سريًا في أعطانها، أو جاور الجوزاء لما استطاب مقامًا في أوطانها، أو حلَّ في دارة الشمس لأنِف من مجاورة سلطانها. وطال ما فاه بالحق لا تأخذه لومة لائم، ونادى بحضرة الأسود الضراغم، وصدع بدين الله بمقال ذي سريرة يخاف يوم تبلى السرائر، ونطق معتصما بالباطن الظاهر، غير ملتفت إلى الملك الظاهر، وقبض على دينه والجمر يلتهب، وصمّم على مقاله والصارم للأرواح ينتهب. ولم يزل طول عمره على طريقة أهل السنّة والجماعة، مواظبًا على الخير، لا يصرف منه ساعة في غير طاعة.
إلى أن قال: فكان قطب زمانه، وسيد وقته، وسرّ الله في خلقه، والتطويل في ذكر كراماته تطويل في مشهور، وسهاب في معروف غير منكور. ولقد سافرت لزيارة قبره في نوى وزرته، أعاد الله علينا وعلى المسلمين من بركاته.
ومن نظم التاج المذكور " وكان سائرًا بمنزله المُلَّيْحة قاصدًا زيارة النووي " قوله:
مُلَّيحةُ الحِرْبة مثل اسمها ... ماءٌ كماءِ البحر ملحًا سوى
فعد عنها وانو مغنىً نوى ... فليس للمرء سوى ما نوى
وقال في " الصغرى ": الشيخ محيي الدين أبو زكريا، أستاذ المتأخرين، الجامع بين العلم والدين، والسالك سبيل الأقدمين، ذو التصانيف المشهورة.
وقال الجمال الإسنوي في " الطبقات " " فيما أنبئت عنه " هو محرر المذهب وهذّبه، ومنقحه ومرتّبه، ومنقحه ومرتّبه. سار في الآفاق ذكره وعلا في العالم علمه وقدْره، صاحب التصانيف المشهورة، المباركة النافعة.
وقال نحوه في " المهمات "، وفي " شرحه على المنهاج ".
وقال الحافظ العماد ابن كثير في " تاريخه ": الشيخ الإمام العالم العلامة، شيخ المذهب وكبير الفقهاء في زمانه، ومن حاز قصبة السبق دون أقرانه. كان من الزهادة والعبادة والتحرّي والورع والانجماع عن الناس والتخلي لطلب العلم والتحلي به: على جانب لا يقدر عليه غيره، ولا يضيّع شيئًا من أوقاته.
وقال في " طبقات الشافعية ": الشيخ الإمام، العلامة الحافظ، الفقيه النبيل، محرر المذهب ومهذّبه، وضابطه ومرتبه، أحد العباد والعلماء الزهاد. كان على جانب كبير من العلم والعمل والزهد، والتقشف والاقتصاد في العيش، والصبر على خشونته، والتورع الذي لم يبلغنا عن أحد، في زمانه ولا قبله بدهر طويل.
وقال قاضي صفد محمد بن عبد الرحمن العثماني في ترجمته من " طبقاته الكبرى ": شيخ الإسلام، بركة الطائفة الشافعية، محيي المذهب ومنقحه، ومن استقر العمل بين الفقهاء فيه على ما يرجحه، وليّ الله العارف القطب الزاهد المتقشف، الورع المتعفف، المعرض عن الدنيا ولذتها، وأهلها وزينتها، الباذل نفسه لنصرة دين الله، المجانب للهوى، أحد العلماء العارفين وعباد الله الصالحين، الجامعين بين العلم والعبادة والعمل والزهادة، صاحب المصنفات العظيمة، الشائعة الذائعة، المباركة النافعة، المتفق عليها بين جميع الموافقين والمخالفين من أئمة الدين. قال: وهو أحد مشائخ المذهب وأئمته، وتصانيفه العمدة فيه، واتفق على زهده وورعه وأنه من الأولياء. قال: ورأيته بمنامي كرتين، إحداهما قرأت عليه في " المنهاج "، والثانية مشيت خلفه زمانًا، فالتفت فرآني فأكرمني. إلى أن قال: وكان من التقلل والورع على أكمل الأحوال.
وقال في " الطبقات الصغرى ": شيخ الإسلام، المجمع على إمانته وولايته، واستقر العمل في المذهب على ما يرجحه.
وقال الصدر سليمان بن يوسف الياسوفي، الشافعي، الحافظ: كنت إذا سمعت شخصًا يقول: أخطأ النووي، أعتقد أنه كفر، حكاه في ترجمة الياسوفي جماعة منهم شيخنا.
1 / 43