347

المشتركة ، وأن تكون لتلك الأجسام بذواتها مباد لتلك الأحوال ، وأن يكون فيها أو معها الشيء الذي يصدر عنه هذه الأفاعيل.

وقوله : «فبالجملة كل ما يكون مبدأ لصدور أفاعيل ليست على وتيرة واحدة عادمة للإرادة ، فإنا نسميه نفسا».

هذا تفريع على ما تقدم ، أي وبالجملة ، فكل ما يكون مبدأ لصدور أفاعيل كذلك ، كما في النبات والحيوان حيث أشرنا إلى إثبات مبدأ لها فيهما ، فإنا نسميه نفسا. ولا يخفى أن تلك الأفاعيل حيث كانت إشارة إلى الأحوال التي ذكرها في النبات والحيوان عامة شاملة للحس والإدراك أيضا ، ويكونان هما أيضا فعلا بهذا المعنى ، وإن لم يكونا فعلا بالمعنى الآخر.

ثم لا يخفى أن قوله : «عادمة للارادة» صفة لقوله : «وتيرة واحدة» وأن النفي وارد على الموصوف المقيد بهذا الوصف ، وأن تحقق هذا النفي كما يكون بانتفاء الموصوف والوصف جميعا ، أعني أن يكون المتحقق هنالك كون صدور تلك الأفاعيل على وتائر متعددة وأنهاج مختلفة ، ومع الإرادة ؛ كذلك قد يكون بانتفاء الموصوف وحده ، وإن لم ينتف الوصف ، أعني أن يكون ذلك الصدور على وتائر مختلفة عادمة للإرادة ، وقد يكون بانتفاء الوصف وحده ، وإن لم ينتف الموصوف ؛ أعني أن يكون على وتيرة واحدة ومع الإرادة. وحينئذ فيكون المعنى أن كل ما يكون مبدأ لصدور أفاعيل ليست على وتيرة واحدة عادمة للإرادة ، كما في أفعال الطبائع ، حيث أنها تكون على وتيرة واحدة عادمة للإرادة ، ويسمى مبدأ صدورها طبيعة ، فإنا نسميه نفسا ، سواء كان مبدأ لصدور أفاعيل على أنهاج مختلفة عادمة للإرادة ، كالنفس النباتية ، أو مبدأ لصدور أفاعيل على أنهاج مختلفة لكن مع الإرادة ، كالنفس الحيوانية ، وكالنفس الإنسانية أيضا إذا استعملت القوى الحيوانية وفعلت بتوسطها ، أو مبدأ لصدور فعل على وتيرة واحدة مع الإرادة ، كالنفس الإنسانية في فعلها الخاص بها من الإدراك الكلي ونحوه ، إذا قلنا بكونه على نهج واحد.

Page 19