340

أعنى به معنى أعم من الصورة ، بل معنى أنه جوهر معنى أنه صورة ، وهذا مما قاله خلف (1) منهم ، فلا يكون معه موضع بحث واختلاف البتة ، فيكون معنى قوله : «إن النفس جوهر» : أنها صورة ؛ بل يكون قوله : «الصورة جوهر» كقوله «الصورة صورة أو هيئة ، والإنسان إنسان أو بشر» ، ويكون هذيانا من الكلام.

فإن عنى بالصورة ما ليس في موضوع البتة ، أي لا يوجد بوجه من الوجوه قائما في الشيء الذي سمينا لك موضوعا البتة ، فلا يكون كل كمال جوهرا ، فإن كثيرا من الكمالات هي في موضوع لا محالة ، وإن كان ذلك الكثير بالقياس إلى المركب ومن حيث كونه فيه ليس في موضوع ، فإن كونه جزءا منه لا يمنعه أن يكون في موضوع ، وكونه فيه لا كالشيء في الموضوع لا يجعله جوهرا ، كما ظن بعضهم. لأنه لم يكن الجوهر ما لا يكون بالقياس إلى شيء على أنه في موضوع ، حتى يكون الشيء من جهة ما ليس في هذا الشيء على أنه في موضوع جوهرا ، بل إنما يكون جوهرا إذا لم يكن ولا في شيء من الأشياء على أنه في موضوع ، وهذا المعنى لا يدفع كونه في شيء ما موجودا لا في موضوع ، فإن ذلك ليس له بالقياس إلى شيء (2) حتى إذا قيس إلى شيء يكون فيه لا كما يوجد الشيء في موضوع صار جوهرا ، وإن كان بالقياس إلى شيء آخر ، بحيث يكون عرضا ، بل هو اعتبار له في ذاته فإن الشيء إذا تأملت ذاته ونظرت إليها فلم يوجد لها موضوع البتة ، كانت في نفسها جوهرا ، وإن وجدت في ألف شيء لا في موضوع بعد أن يوجد في شيء واحد على نحو وجود الشيء في موضوع (3)، فهي في نفسها عرض ، وليس إذا لم يكن عرضا في شيء فهي جوهر فيه ، فيجوز أن يكون الشيء لا عرضا في شيء ولا جوهرا في الشيء ، كما أن الشيء يجوز أن لا يكون واحدا في الشيء (4) ولا كثيرا ، ولكنه (5) في نفسه واحد أو كثير ، وليس الجوهري والجوهر واحدا ، ولا العرض بمعنى العرض (6)

Page 12