332

فنقول وبالله التوفيق

إنك بعد ما أحطت خبرا بتفاصيل ما قدمناه في مقدمة الرسالة بطولها التي اقتضى تحقيق المرام تطويلها ، تلخص لك أن المعاد الجسماني الذي نطق به الشرع الشريف ، في الإنسان الذي كلامنا في معاده وقد عرفت أنه عبارة عن مجموع النفس والبدن ، وأن بدنه وإن كان مما يطرأ عليه الفناء والموت بمعنى تفرق أجزائه وانعدام صورته ، لكنه لا يفنى ولا ينعدم بالمرة ، بل يبقى مادته وأجزاؤه الأصلية ، وأن نفسه وإن كانت مما يطرأ عليها الموت أيضا بمعنى قطع تعلقها عن البدن ، لكنه مما لا يطرأ على ذاتها الفناء أصلا ، بل هي باقية بذاتها بعد قطع تعلقها عنه ، كما كانت باقية حين تعلقها به يمكن أن يكون والله تعالى أعلم بإعادة تعلق النفس الباقية بعد قطع تعلقها عن البدن أولا بالبدن ثانيا ، أي بالبدن الذي ينشأ ويخلق بقدرة الله تعالى من تلك المادة والأجزاء الأصلية الباقية مرة اخرى.

وتلخص لك أيضا أن المعاد روحاني وجسماني جميعا.

أما الروحاني فبالنسبة إلى روحه ونفسه بمعنى عود تعلقها بالبدن أي تعلقها به مرة اخرى تعلقا آخر غير التعلق الأول ، حيث إن التعلق لما كان يستدعي أمرين متعلقا ومتعلقا به ، يكون تعينه بتعين الأمرين ، وحيث كان المتعلق به هنا أي البدن مغايرا للأول ولو بالاعتبار ، فيكون التعلق الثاني غير التعلق الأول.

وأما الجسماني فبالنسبة إلى جسمه وبدنه بمعنى خلقه مرة اخرى من مادته وأجزائه الأصلية ، لا روحاني فقط كما ادعاه بعض الحكماء.

وتلخص لك أيضا أن ليس فيما ذكرنا من معنى المعاد إعادة معدوم بعينه ، لا بالنسبة

Page 381