138

لا عينه ، ولنترك أيضا الجزء الآخر من هذا المجتمع الذي هو بمنزلة الصورة ، لعدم كونها نفسا أيضا ، ولننظر في الجزء الذي هو بمنزلة المادة أي النفس التي هي الأصل والسنخ في هذا المركب المجتمع ، ولنتكلم فيها ونقول :

إن تلك المادة التي هي الأصل والسنخ إما أن تؤخذ مركبة هكذا إلى غير النهاية ، فننقل الكلام فيها إلى غير النهاية وهذا محال. وإما أن ينقطع الأخذ على سبيل التركيب ، فينتهي الكلام إلى ما هو الأصل والسنخ منه ، وان لا يبطل ذلك الأصل ، حيث إنه ليس فيه تركيب ولا قيام بالمركب ولا قوة فساد ، فأخذ النفس مع غيرها على سبيل التركيب لا يقدح في مطلوبنا ، إذ كلامنا في النفس لا في غيرها ، وهي الأصل والسنخ من جملة أجزاء هذا المركب ولا في هذا المركب المجتمع من النفس وغيرها ، إذ هو ليس نفس النفس حتى يلزم كون ذلك الأصل جزءا من النفس لا عينها.

فتبين من ذلك أن كل شيء بسيط غير مركب ولا قائم بالمركب كما في الفرض الأول ، أو كل شيء هو أصل مركب وسنخه كما في الفرض الثاني ، فهو غير مجتمع فيه فعل أن يبقى وقوة أن يعدم بالقياس إلى ذاته ، إذ ذلك الاجتماع إنما هو سبب التركيب الحقيقي في ذاته ، أو فيما يقوم ذاته به والمفروض خلافه هنا ، ولا يلزم منه كون النفس مادة ، إذ المادة وإن كانت بسيطة غير قابلة للفساد ، وكانت أصلا في المركب من بعض الوجوه لكنها ليست أصلا بالمعنى المذكور إذ قيامها إنما هو بما يحل فيها.

ثم إنه ربما أشعر كلامه في التركيب حيث قال : «ولنترك المركب ولننظر في الجوهر الذي هو مادته إلى آخره إن هذا التركيب إنما هو بأخذ النفس التي اعتبرها مادة ، وهي الأصل مع غيرها الذي يكون غير أصل ، ويكون كالصورة ، ولم يتعرض لأخذها مع أصل آخر ، وكأن وجهه أن أخذها كذلك غير ممكن إذا لجزء الآخر الذي هو الأصل أيضا لا يمكن أن يكون صورة لما عرفت.

وأيضا يستلزم أن يكون نفس واحدة أكثر من واحدة ، ومع ذلك فيستلزم ما هو المقصود وهو عدم فساد ما هو الأصل فيه ، غايته أن يكون ذلك الأصل أكثر من واحد ، وغير النفس التي نحن بصدد التكلم فيها أيضا ، وهذا الذي ذكرنا وإن كان حمل كلام الشيخ عليه لا يخلو عن تكلف ، إلا أنه غاية توجيهه بناء على اصوله ، وبه يندفع جميع الأنظار

Page 187