La Méthode de Rashad
Genres
هذا تلخيص ما ذكره وفيه امور صحيحة ، إلا أنه لم يتبين منه ما تحيروا فيه من أن هذه الأفاعيل المترتبة ، من الحفظ والتغذية والتصوير والإنماء والإحساس والنطق ، أهي كلها صادرة من كلمة فاعلة ، لها قوى متعددة متجددة الحدوث ، أو هي كلمات فعالة متعددة متفاضلة في الكمال ، فإن كان الأول فيلزم حدوث الناطقة مع حدوث النطفة فتكون معطلة عن فعلها الخاص مدة ، وهذا يخالف قواعدهم ، وإن كان الثاني يلزم عليه ، ما يلزم به الشارح القديم ، من تفويض أحد الفاعلين الطبيعيين تدبير موضوعه إلى الآخر ، وإن كان هناك فساد صورة سابقة وتكون صورة لا حقة ، فكيف انجر تكامل الاستعداد إلى الفساد ، والفطرة حاكمة بأن التوجه إلى الكمال ينافي الفساد والاضمحلال ، فقوة واحدة لمادة واحدة لا تفعل فعلين متناقضين فيها.
وأما ما ذكره الأطباء من أن الحرارة الغريزية توجب الحياة والموت جميعا فوجه ذلك أن فعل تلك الحرارة ليس بالذات إلا تقليل الرطوبات. وهذا التقليل نافع في حفظ الحياة ما دامت الرطوبات زائدة في بدن الحي ، ضار ما دامت ناقصة ، ففعلها شيء واحد دائما وكل واحد من النفع والضر ، فعلها بالعرض ، وأما فعل المصورة في مادتها فليس إلا التكميل والحفظ. وكل من له قدم راسخ في الحكمة يعرف أن الأفاعيل الطبيعية نحو شيء مناف لها مضادة ، بل الأشياء كلها طالبة للخير الأقصى ، كما يشهد به الكشف الأتم ، فالتحقيق في هذا المقام يتوقف على ما لوحنا إليه سابقا من حال اشتداد الطبيعية وسلوكها الجوهري الاتصالي ، حسب ما يقتضيه البراهين المشرقية. انتهى كلامه رحمه الله .
وأقول لا يخفى عليك أن التحقيق الذي ذكره المحقق الطوسي رحمه الله ، تحقيق أنيق ، ينبغي أن يكون عليه المعول في جواب ذلك السؤال المشهور الذي أورده ، إلا أن هاهنا امورا ينبغي التنبيه عليها.
Page 162