ونُقِل عن طائفة أنهم كانوا يتكلمون بالكلمة بعد الكلمة (^١)، وبالجملة؛ فالكلمة بعد الكلمة أمرها قريب، وأكثر ما كانوا يفعلونه إذا كان المُكَلَّم أعجميًّا يريدون تقريب الفهم على المخاطَب، كما قال النبي ﷺ لأمِّ خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص -لما كساها خميصة- وقال: "يا أُمَّ خالِدٍ هذا سنا" (^٢) والسَّنا بالحبشية: الحَسَن.
وأما اعتياد الخطاب بغير العربية حتى يصير عادة؛ فلا ريب أنه مكروه، فإنه من التشبُّه بالأعاجم.
واعلم أن اعتياد اللغة يوثِّر في العقل والخُلُق والدين تأثيرًا قويًّا، حتى يزيد به العقل والخلق والدين لمشابهته سلف الأمة.
وأيضًا: فإن اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض، فإن فَهْم الكتاب والسنة فرض، ولا يُفهم إلا بالعربية، ثم منها ما هو واجب على الأعيان، ومنها ما هو واجب على الكفاية.
روي ابن أبي شيبة (^٣) قال: كتب عمر إلى أبي موسى: "أما بعد؛ فتفقَّهوا في السنة، وتفقَّهوا في العربية، وأَعْرِبوا القرآنَ فإنَّه عربي".
وفي حديث آخر عنه: "تعلموا العربية فإنها من دينكم" (^٤)، وهذا