الرسول، ويروون الحديث برواياتٍ منكرة، وإن كان الجهابذةُ يدفعون ذلك، وربما تطاول بعضهم إلى تحريف التنزيل، وإن لم يمكنه ذلك، كما قرأ بعضهم (^١): ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (١٦٤)﴾ [النساء: ١٦٤].
وأما ليُّ الألسنة بما يظن أنه من عند الله، فوضع الأحاديث عن (^٢) رسول الله، وإقامة ما يظن أنه حجة في الدين وليس بحجةٍ، وهذا من أنواع أخلاق اليهود، وهو كثير لمن تدبَّره بنور الإيمان.
وقال -سبحانه-: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ [النساء: ١٧١]، وقال: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [المائدة: ٧٢].
ثم إن الغلوَّ في الأنبياء والصالحين قد وقع في طوائف من ضُلَّال المتعبِّدة والمتصوِّفة، حتى خالطَ كثيرًا منهم من مذهب الحلول والاتحاد ما هو أقبح من قول النصارى أو مثله أو دونه.
وقال: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣١]، وفسَّره النبي ﷺ لعديٍّ: بـ "أنَّهم أَحَلُّوا لهم الحرامَ، وحَرَّموا عليهم الحلالَ فاتَّبعوهم" (^٣) .