والوجه في ذلك: أن الواجب على المكلف القيام مع الإمام، والجهاد بين يديه، والإمتثال لأمره، ولا يتأخر عن ذلك حين يدعوه إلى ذلك، ولن يكون كذلك إلا بعد أن يتحقق معرفته، ذكره في ((المنهاج الجلي)) وفيه: ولا يعرف إمام زمانه إلا بأن يباحثه ويراجعه ليختبر علمه وفهمه، ثم يعرف سيرته وما منها موافق للحق وما منها غير موافق للحق، ويبحث عما ارتاب فيه، وإلا مات ميتة جاهلية.
فإن كان غائبا عن الإمام فالكتاب أحد اللسانين، والإخبار أحد الدليلين، فيكاتبه بمسائل ويراسله ويستشير ما هنالك، ويستخبر الوارد إليه لا ريب يستخبر ذا الدين والورع، ويستنبئه عما يفعله من سنن وبدع، وإلا كان داخلا في الخبر انتهى مختصرا.
فإذا عرف ثبوتها فيه وجب عليه ما ذكر وما سيأتي، وهذا هو الشهير بإمام الحق، ومع عدمها هو الشهير بإمام الجور، وسيأتي.
والوجه في اعتبار وجود تلك الصفات فيه أن الغرض بالإمامة صلاح المسلمين، وحسن الرعاية لهم، ولا يتم ذلك إلا إذا كان الإمام متصفا بتلك الصفات لتأدية الإمام ما يجب عليه من الحقوق الشرعية، لثبوت ما تجب له من الحقوق من رعيته ليؤدونها له، وسيأتي ذكرها في الحديث الآتي، التي منها وجوب طاعته، وعدم نزع يد الطاعة، وتحرم منازعته والخروج عليه، وإلا كان داخلا في وعيد الخبر.
هذا واعلم أن أدلة الوعيد في هذا الباب بالميتة الجاهلية، وأدلة ترجمة الباب وردت مطلقة ومقيدة، فمن الثاني حديث الأصل وشواهده.
Page 76