Méthode dans la pensée arabe contemporaine : du chaos de la fondation à l'ordre méthodologique

Abdallah Akhwad d. 1450 AH
38

Méthode dans la pensée arabe contemporaine : du chaos de la fondation à l'ordre méthodologique

المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي

Genres

106

فالتأكيد على الخصوصية المغربية وتفردها مسألة في غاية الأهمية والحيوية، وكذلك البعد الجغرافي في الإبداع والأصالة لكن إلغاء الخصوصيات الأخرى والتأكيد على فشلها أفسد جانبا مهما في مشروع الجابري وشوش عليه؛ وهو التكامل في الجهود.

وقد ميز الجابري بين لحظتين تاريخيتين في الفلسفة العربية، بينهما من التمايز والاختلاف والقوة المنهجية والمعرفية، ما جعله يلغي ما لم يعنه في مشروعه. يقول: «لقد ميزنا في هذه الصيرورة بين لحظتين ألغت الثانية منهما الأولى وقطعت معها، اللحظة الأولى هي لحظة حلم الفارابي كما عاشه ابن سينا، واللحظة الثانية هي لحظة حلم ابن باجة كما طوره ابن رشد، فما تبقى من تراثنا لا يمكن أن يكون منتميا إلى اللحظة الأولى لأن اللحظة الثانية ألغتها تاريخيا. والتاريخ يؤكد ذلك، فكل من عاش أو يعيش لحظة ابن سينا بعد ابن رشد إنما قضى ويقضي حياته (الفكرية) خارج التاريخ، وبالفعل قضينا نحن العرب حياتنا بعد ابن رشد خارج التاريخ (جمود وانحطاط)؛ لأننا تمسكنا بلحظة ابن سينا بعد أن «أدخلها» الغزالي في الإسلام وعاش الأوربيون التاريخ الذي خرجنا منه؛ لأنهم أخذوا منا ابن رشد فعاشوا لحظته وما زالوا يفعلون.»

107

فهذا الربط بين تقدم أوروبا وأخذها للرشدية، وحضورها في التاريخ إلى اليوم وتخلفنا، هي دعوة إلى استعادة هذه الرشدية كما فهمها الغرب وشغلها رجال الفكر الغربيون في صراعهم مع اللاهوت الكنسي، ومواجهة سلطانه بمفاهيمها ومقولاته في الفصل بين الحقيقة الدينية والحقيقة الفلسفية.

وترجع شهرة ابن رشد في نظر طه عبد الرحمن إلى «احتياج رجال الفكر الغربيين في القرون الوسطى إلى من يقرب لهم فلسفة «أرسطوطاليس»، كما يعينهم على مواجهة سلطان اللاهوت الكنسي، فقد أقبلت أوروبا في هذه الفترة على ترجمة كتب «أرسطو» النفسية والطبيعية وما بعد الطبيعية بعد أن لم تكن تعرف من كتبه إلا جزءا ضئيلا من منطقه. فوجدت في ابن رشد خير من يوضح ويفصل لها المضامين الجديدة لهذه الترجمات، لا سيما وأنه بدا أقدر من غيره على العودة إلى الأصول «الأرسطية»، كما أن دخول فلسفة «أرسطو» إلى «أوروبا» أدى إلى زعزعة السلطة اللاهوتية ذات التوجه «الأوغسطيني» في النفوس. وقد وجد أهل الفكر اللاتيني في ابن رشد خير من يستندون إليه ويحتمون به في تقرير وتمرير دعاويهم المناهضة لهذه السلطة، كما ترجع شهرته أيضا إلى انقسام المفكرين اللاتين بشأن فلسفته وإصدار الكنيسة لفتاوى تحرم الاشتغال بها، فقد انقسم هؤلاء المفكرون إلى فئتين متصارعتين: فئة الموالين، ويأتي على رأسهم «سيغردي برابنت» الذي دعا إلى تقديم أصول الفلسفة على أصول العقيدة، وفئة المعادين، وعلى رأسهم «ألبير الكبير» و«توماس الأكويني» وأصدرت الكنيسة قرارات تحرم الخوض في قضايا رشدية مخصوصة وتمنع تدريس مذهبه في الجامعات كجامعة «باريس»، فهذه العوامل المختلفة: «الحاجة إلى الشارح» و«الحاجة إلى الظهير» و«الدخول في الصراع» و«الإفتاء والتحريم» ساعدت كلها على ترسيخ اسم ابن رشد في الأوساط الفكرية والعلمية «الأوروبية»، ولما كان العرب المحدثون أصلا مقلدين لا مجتهدين، فلا تستغرب أن يجعلوا شهرة ابن رشد بين أظهرهم كشهرته بين الأوروبيين، سواء بسواء، ولو لم تواجههم العوامل التي واجهت هؤلاء ...»

108

فأي روح رشدية يمكن استعادتها كما يحلم الجابري وغيره من «العقلانيين» العرب؟ ويرى [الجابري] أن ما تبقى من تراثنا الفلسفي، أي ما يمكن أن يكون فيه قادرا على أن يعيش معنا عصره، لا يمكن إلا أن يكون رشديا فلننظر - يتابع كلامه - على ما تبقى من الرشدية كعناصر صالحة للتوظيف في حياتنا الفكرية المعاصرة.

109 (1)

ما جعل الرشدية تدخل التاريخ هو قطيعتها مع السينيوية في صورتها التي اختارها لها ابن سينا (...) ولنقطع بدورنا قطيعة تامة ونهائية مع الروح السينيوية «المشرقية» ولنخضها معركة حاسمة ضدها. (2)

Page inconnue