338

Traité d'optique

كتاب المناظر

Genres

[6] وكذلك قد يعرض للبصر الغلط من البعد المتفاوت في نوعية المبصر. فإن البصر إذا رأى فرسا من بعد متفاوت فربما ظنه حمارا، لأنه يراه من البعد المتفاوت أصغر من مقداره الحقيقي، وربما ظنه حمارا بعينه إذا كان قد ألف في ذلك الموضع حمارا بعينه، فيكون غالطا في نوعية ذلك الفرس وفي شخصيته جميعا. وربما رأى البصر من البعد حمارا ويظنه فرسا، ويظن أن صغره إنما هو لبعده. وربما رأى بغلا فظنه فرسا. وربما رأى ثورا فظنه حمارا. وربما رأى عنزا فظنه كلبا. وكذلك أيضا ر بما رأى من البعد شجرا فظنها نباتا لأنه يراها من البعد صغارا. وربما رأى نباتا فظنه شجرا، ويظن أن صغرها هو لبعدها. وربما رأى ثمرة فشبهها بغيرها من الثمار. وربما رأى نباتا فشبهه بغيره من النبات. وهذا النوع من الغلط كثير، وجميعه غلط في المعرفة لأن البصر يشبه ما هذه حاله بما قد عرفه ويظنه ذلك الذي يعرفه بعينه أو من نوعه، ولايكون كذلك. وعلة جميع هذا النوع من الغلط هو البعد المتفاوت الخارج عن عرض الاعتدال، لأن البصر إذا أدرك جميع المبصرات من البعد المعتدل فليس تشتبه عليه صورها إذا كانت جميع المعاني الباقية التي فيها التي بها يتم إدراك المبصر على ما هو عليه في عرض الاعتدال. وهذه الأغلاط هي الأغلاط المتعارفة التي يغلط البصر فيها دائما.

[7] وقد يعرض الغلط في المعرفة في معان غريبة أيضا من أجل خروج البعد عن عرض الاعتدال. فمن ذلك أن البصر إذا رأى في سواد الليل نارا من بعد متفاوت، وكانت النار على رأس جبل أو في موضع مرتفع عن الأرض، ولم يكن قد تقدم علم الناظر بأن في ذلك الموضع نارا وكانت الجذوة من النار تظهر من البعد صغيرة الحجم، فإن الناظر إذا رى النار التي بهذه الصفة في سواد الليل ربما ظنها كوكبا في السماء، وهى نار في الأرض، فيكون غالطا في مائيتها. والغلط في مائية المبصر هو غلط في المعرفة، لأن مائيات المبصرات إنما تدرك بالعرفة. وعلة هذا الغلط إنما هو خروج بعد موضع النار عن عرض الاعتدال، لأن تلك النار بعينها إذا كانت قريبة من البصر أو كان البصر قريبا منها لم يشتبه عليه أنها نار، ولم يظنها قط كوكبا في السماء. فعلى هذه الصفات وأمثالها يكون غلط البصر في المعرفة من أجل خروج بعد المبصر عن عرض الاعتدال.

Page 400