Manar Al-Qari Commentary on the Abridged Sahih Al-Bukhari
منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري
Maison d'édition
مكتبة دار البيان،دمشق - الجمهورية العربية السورية،مكتبة المؤيد
Lieu d'édition
الطائف - المملكة العربية السعودية
Genres
مشرك فهو تحت مشيئة الله، وفيها الرد على الخوارج المكفرين بالذنوب، وعلى المرجئة القائلين بأن الذنوب لا تضر، وأن الناس في الإِيمان سواء لا تفاضل بينهم. والحاصل أن المرجئة قالوا: العمل ليس من الإِيمان، أما أهل السنة فإنهم قالوا: الأعمال داخلة في الإِيمان، وكذلك قال المعتزلة والخوارج: العمل جزء من الإِيمان، ولكن الفرق بين أهل السنة من جهة وبين المعتزلة والخوارج من جهة أخرى -كما في " شرح العقيدة الواسطية " (١) أن أهل السنة يقولون: إن الأصل في الإِيمان التصديق، والعمل ليس جزءًا أصليًا في الإِيمان وأما الخوارج فإنهم جعلوا العمل جزءًا أصليًا في الإِيمان، مساويًا للتصديق، فإذا انتفى انتفى الإِيمان فيكون كافرًا ويخلد في النار. ومن أوضح الأدلة وأصرحها على بطلان قولهم هذا، ما جاء منصوصًا عليه في السنة الصريحة أنّ من أصول الإيمان .. " أن لا يكفر أحدٌ بذنب " ففى الحديث " عن أنس ﵁: " " ثلاث من أصل الإِيمان: الكف عَمَّن قال لا إله إلا الله، لا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإِسلام بعمل، والجهاد ماض منذ بعثني الله حتى يقاتل آخر أمتى الدجال، لا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل، والإِيمان بالأقدار " أخرجه أبو داود، فهل بقي بعد كلام النبي ﷺ كلام لمتكلم وهل بعد قوله هذا قول لقائل» ومن الأدلة الصريحة على أن مرتكب الكبيرة لا يخلَّد في النار.
حديث أبي ذر قال: قال النبي ﷺ "قال لي جبريل: من مات من أمتك
لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، أو قال: لم يدخل النّار، قال: وإن زنى، وإن سرق؛ قال: وإن " أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي. قال الخطابي: والمعنى أن من مات على التوحيد فإن مصيره إلى الجنة، وإن ناله قبل ذلك من العقوبة ما ناله، وأما قوله " لم يدخل النار " فمعناه لم يدخل دخول تخليد، ويجب التأويل بمثله جمعًا بين الآيات والأحاديث والله أعلم. أمّا الإِسلام فإنّه
(١) المنحة الإلهية شرح العقيدة الواسطية، للأستاذ علي مصطفى الأستاذ بكلية أصول الدين.
1 / 77