Manahil al-Irfan fi Ulum al-Quran
مناهل العرفان في علوم القرآن
Maison d'édition
مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه
Édition
الطبعة الثالثة
Genres
ثم أضف إلى ذلك أنه لو صح لأحد أن يغير ما شاء من القرآن بمرادفه أو غير مرادفه لبطلت قرآنية القرآن وأنه كلام الله ولذهب الإعجاز ولما تحقق قوله ﷾: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ .
ثم إن التبديل والتغيير مردود من أساسه بقوله سبحانه في سورة يونس: ﴿قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ .
فإذا كان أفضل الخلق محمد ﷺ قد تحرج من تبديل القرآن بهذا الأسلوب فكيف يسوغ لأحد مهما كان أمره أن يبدل فيه ويغير بمرادف أو غير مرادف؟ ﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ .
الشاهد الخامس: أنه لا يجوز منع أحد من القراءة بأي حرف من تلك الأحرف السبعة النازلة. يدل على ذلك قوله ﷺ: "فلا تماروا فيه فإن المراء فيه كفر" وعدم موافقته لعمر وأبي وابن مسعود وعمرو بن العاص على معارضة مخالفيهم بالطرق الآنفة في الأحاديث السالفة. ويدل على ذلك أيضا دفعه في صدر أبي حين استصعب عليه أن يقر هذا الاختلاف في القراءة. ولا ريب أن ذلك كله فيه معنى النهي البالغ عن منع أي أحد من القراءة بأي حرف من الأحرف السبعة النازلة.
الشاهد السادس: أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا متحمسين في الدفاع عن القرآن مستبسلين في المحافظة على التنزيل متيقظين لكل من يحدث فيه حدثا ولو كان عن طريق الأداء واختلاف اللهجات مبالغين في هذه اليقظة حتى ليأخذون
1 / 151