كان الصمت الرهيب يسود مائدة الإفطار في ذلك الصباح. وبعدها توقفنا تماما عن الإبحار في أيام الأحد. ولم يكن لدي ما يدعوني إلى السؤال عن السبب. وحاول والدي ووالدتي الحصول على وظائف أخرى، لكنه لم تكن هناك أية وظائف خالية.
وساد المنزل إحساس بالكآبة والبؤس. كنت أحيانا أعود إلى المنزل فأجدهما يلتزمان الصمت. كانا يتجادلان كثيرا، وحول أشياء صغيرة تافهة، ولم يكن هذا عهدهما من قبل على الإطلاق. وتوقف والدي عن إصلاح الأشياء في المنزل. بل ونادرا ما كان يمكث في المنزل على أية حال، فإذا لم يكن يبحث عن عمل، فهو في المشرب القريب. وكان عندما يعود إلى المنزل يجلس صامتا وهو يتصفح أعدادا لا تنتهي من مجلات الإبحار في اليخوت الشراعية.
كنت أحاول قدر طاقتي ألا أمكث في المنزل وأن ألعب كرة القدم، ولكن إدي كان قد انتقل من مسكنه لأن أباه وجد عملا آخر في مكان ما في الجنوب. ولم يكن لكرة القدم مذاقها المميز دون وجوده. وانفرط عقد فريق «مدلاركس» بل انفرط عقد كل شيء من حولنا.
ثم عدت ذات يوم من أيام السبت بعد جولة توزيع الصحف لأجد والدتي جالسة في أسفل السلم وهي تبكي. كانت دائما قوية صلبة، ولم أشاهدها من قبل في هذه الحال قط.
قالت: «مغفل! أبوك مغفل يا مايكل! هل تسمع؟»
وسألتها: «ماذا فعل؟»
وقالت لي: «لقد ذهب!» وتصورت أنها تعني أنه ذهب بلا رجعة، لكنها قالت: «لم يشأ أن يصغى لصوت العقل، لا! بل يقول إنه خطرت له فكرة. لم يخبرني بها، لكنه يقول فقط إنه باع السيارة، وإننا سوف ننتقل إلى الجنوب، وإنه سوف يجد لنا مسكنا.» وتنفست الصعداء، بل شعرت بالسرور في الواقع، فلا بد أن الإقامة في الجنوب ستجعلني أقرب من إدي. وأردفت قائلة: «إذا كان يظن أنني سوف أترك هذا المنزل، فلا بد أن يستعد لمفاجأة! وأؤكد لك!»
وقلت لها: «ولماذا لا نتركه؟ ليس لدينا الكثير هنا.»
فقالت: «بل لدينا! لدينا البيت أولا، ثم جدتك، ثم المدرسة.»
وقلت لها: «توجد مدارس أخرى»، وإذا بها تحتدم غضبا، بل زاد غضبها عما عهدته فيها في أي يوم من الأيام.
Page inconnue