شاهدت أفريقيا اليوم! كان الساحل بعيدا ولكن والدتي قالت إنها أفريقيا حقا. ونحن نبحر بحذاء الساحل الغربي. وبينت والدتي ذلك على الخريطة. وسوف تدفعنا الريح بجانب الساحل لعدة مئات من الكيلو مترات ثم نعبر المحيط الأطلسي إلى أمريكا الجنوبية. يجب ألا نخرج عن المسار المحدد، وإلا دخلنا نطاق الرهو الاستوائي، وهو نطاق سكون وخمود، لا تهب الريح فيه على الإطلاق، وقد تسكن فيه حركة السفينة أسابيع متوالية، أو حتى إلى الأبد.
هذا أشد الأيام حرارة. واكتسى وجه والدي حمرة قانية، وبدأت بشرته عند أطراف أذنيه تتقشر، أما أنا فقد اكتسيت لونا أسمر كالبندق، مثل والدتي.
شاهدت الأسماك الطيارة هذا الصباح، وكانت ستلا معي، ثم لمحت والدتي سمكة من أسماك القرش بالقرب من مقدم السفينة، وقالت إنها تستمتع بدفء الشمس. وأتيت بالمنظار المقرب، لكنني لم أستطع أن أراها قط. وقالت والدتي إن علي أن أكتب عنها في مذاكرتي ولو لم أكن شاهدتها، ثم أرسم صورتها. وهكذا اضطررت إلى قراءة ما كتب عنها. إنها أسماك بالغة الضخامة، لكنها لا تأكل البشر، بل تقتصر على الأسماك وكائنات البلانكتون الدقيقة. أحب الرسم، وأفضل صورة رسمتها صورة سمكة طيارة.
أرسلت بطاقة بريدية إلى إدي من جزر الرأس الأخضر. ليته كان معي هنا، إذن لسعدنا وضحكنا معا.
ستلا تحب الجري وراء كرة القدم في الغرفة ثم تثب فوقها. لسوف تخرقها بأنيابها يوما ما. أنا واثق من هذا.
كان والدي متجهما قليلا في الآونة الأخيرة، وذهبت والدتي لترقد وحدها، فلديها صداع. أظن أنهما تشاجرا قليلا. لا أعرف سبب المشاجرة، لكنني أظن أنه الشطرنج.
16 نوفمبر
غادرنا لتونا ميناء ريسيفي. وهو في البرازيل. مكثنا فيه أربعة أيام. كان علينا القيام بإصلاحات كثيرة في السفينة. كان جهاز توليد الريح يحتاج إلى إصلاح، وحبل الدفة لا يزال يلتصق بالبكرة أثناء الدوران.
لعبت كرة القدم في البرازيل! هل سمعت بذلك يا إدي؟ لعبت كرة القدم في البرازيل وبكرتك ذات السعد! كان والدي يشاركني تقاذف الكرة وحسب على الشاطئ، وفجأة وجدنا عشرة أطفال ينضمون إلينا. ولعبنا مباراة حقيقية قام والدي بتنظيمها، وانقسمنا إلى فريقين، أطلقت على فريقي اسم «مدلاركس» وأطلق والدي على فريقه اسم «البرازيل»، وهكذا كان الجميع يريدون أن يلعبوا في فريقه - بطبيعة الحال! - ولكن والدتي انضمت إلى فريقنا وفزنا! كانت النتيجة «مدلاركس» 5 والبرازيل 3، وبعد ذلك دعت والدتي الأولاد لشرب الكوكاكولا في السفينة. وأخذت ستلا تزمجر في وجوههم وتكشف عن أنيابها، فاضطررنا إلى حبسها في الغرفة. وحاولوا مخاطبتنا بالإنجليزية، غير أنهم لم يكونوا يعرفون سوى كلمتين «جول» و«مانشستر يونايتد». إذن فهذه ثلاث كلمات!
وجاءت والدتي بالصور بعد تحميض الأفلام وطبعها، ومن بينها صورة دلافين تقفز في الهواء، وصورة لي بجوار الرافعة، وأخرى لوالدتي وهي تدير عجلة القيادة، ورابعة لوالدي وهو يقوم بإنزال الشراع الرئيسي بأسلوب بالغ السوء. وكانت من بينها صورة لي وأنا أقذف بقطعة من الصخر في البحر عندما توقفنا في جزر الكناري، وصورة أخرى لوالدي وهو مستغرق في النوم على ظهر السفينة يستمتع بالشمس ووالدتي تقهقه. كانت على وشك أن تضع قطرات الزيت الذي يحمي من الشمس على بطنه (أنا الذي التقطت هذه الصورة، وهي أفضل صورة صورتها). وكان من بين الصور أيضا صورة لي وأنا أستذكر درس الرياضيات، وقد عبس وجهي وأخرجت لساني.
Page inconnue