Finances de l'Égypte de l'époque des pharaons à nos jours
مالية مصر من عهد الفراعنة إلى الآن
Genres
يبتدئ من إبرام المعاهدة مع المقوقس وينتهي بالاستيلاء على الإسكندرية، وفيه فصل العرب القبط عن الروم، فظلوا في حالة حرب مع هؤلاء، وعدوا القبط مرتبطين بالمعاهدة التي أبرمت مع المقوقس فكفوا عن قتالهم.
وما ذكره ابن عبد الحكم في كتابه بالصفحة 70 وما بعدها حجة يركن إليها في هذا الموضوع، قال راويا عن عثمان بن صالح:
حدثنا عبد الملك بن مسلمة، حدثنا ابن لهيعة، عن يحيى بن ميمون الحضرمي قال: لما فتح عمرو بن العاص مصر صالح عن جميع من فيها من الرجال من القبط ممن راهق الحلم إلى ما فوق ذلك، ليس امرأة ولا شيخ ولا صبي، فأحصوا بذلك على دينارين دينارين، فبلغت عدتهم ثمانية آلاف ألف. قال: وحدثني عبد الله بن صالح، حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب أن المقوقس صالح عمرو بن العاص على أن يفرض على القبط دينارين دينارين على كل رجل منهم.
ثم قال: وشرط المقوقس للروم أن يخيروا ، فمن أحب منهم أن يقيم على مثل هذا أقام على ذلك لازما له مفترضا عليه ممن أقام بالإسكندرية وما حولها من أرض مصر كلها، ومن أراد الخروج منها إلى أرض الروم خرج، وعلى أن للمقوقس الخيار في الروم خاصة حتى يكتب إلى ملك الروم يعلمه ما فعل، فإن قبل ذلك ورضيه جاز عليهم وإلا كانوا جميعا على ما كانوا عليه. وكتبوا به كتابا وكتب المقوقس إلى ملك الروم كتابا يعلمه على وجه الأمر كله، فكتب إليه ملك الروم يقبح رأيه ويعجزه ويرد عليه ما فعل، ويقول في كتابه: إنما أتاك من العرب اثنا عشر ألفا وبمصر من بها من كثرة عدد القبط ما لا يحصى، فإن كان القبط كرهوا القتال وأحبوا أداء الجزية إلى العرب واختاروهم علينا، فإن عندك بمصر من الروم بالإسكندرية ومن معك أكثر من مائة ألف معهم العدة والقوة، والعرب وحالهم وضعفهم على ما قد رأيت، فعجزت عن قتالهم ورضيت أن تكون أنت ومن معك من الروم في حال القبط أذلاء، ألا تقاتلهم أنت ومن معك من الروم حتى تموت أو تظهر عليهم، فإنهم فيكم على قدر كثرتكم وقوتكم وعلى قدر قلتهم وضعفهم كأكلة، فناهضهم القتال ولا يكون لك رأي غير ذلك. وكتب ملك الروم بمثل ذلك كتابا إلى جماعة الروم، فقال المقوقس لما أتاه كتاب ملك الروم: والله إنهم على قلتهم وضعفهم أقوى وأشد منا على كثرتنا وقوتنا، إن الرجل الواحد منهم ليعدل مائة رجل منا، وذلك أنهم قوم الموت أحب إلى أحدهم من الحياة، يقاتل الرجل منهم وهو مستقتل يتمنى ألا يرجع إلى أهله ولا بلده ولا ولده، ويرون أن لهم أجرا عظيما فيمن قتلوا منا، ويقولون إنهم إن قتلوا دخلوا الجنة، وليس لهم رغبة في الدنيا ولا لذة إلا قدر بلغة العيش من الطعام واللباس، ونحن قوم نكره الموت ونحب الحياة ولذتها، فكيف نستقيم نحن وهؤلاء وكيف صبرنا معهم؟ واعلموا معشر الروم والله إني لا أخرج مما دخلت فيه، ولا صالحت العرب عليه، وإني لأعلم أنكم سترجعون غدا إلى رأيي وقولي وتتمنون أن لو كنتم أطعتموني؛ وذلك أني قد عاينت ورأيت وعرفت ما لم يعاين الملك ولم يره ولم يعرفه، ويحكم أما يرضى أحدكم أن يكون آمنا في دهره على نفسه وماله وولده بدينارين في السنة؟
ثم أقبل المقوقس إلى عمرو بن العاص فقال له: إن الملك قد كره ما فعلت وعجزني وكتب إلي وإلى جماعة الروم أن لا نرضى بمصالحتك، وأمرهم بقتالك حتى يظفروا بك أو تظفر بهم، ولم أكن لأخرج مما دخلت فيه وعاقدتك عليه، وإنما سلطاني على نفسي ومن أطاعني، وقد تم صلح القبط فيما بينك وبينهم ولم يأت من قبلهم نقض، وأنا متم لك على نفسي، والقبط متمون لك على الصلح الذي صالحتهم عليه وعاهدتهم، وأما الروم فأنا منهم بريء، وأنا أطلب إليك أن تعطيني ثلاث خصال، قال له عمرو: ما هن؟ قال: لا تنقض بالقبط، وأدخلني معهم، وألزمني ما لزمهم، وقد اجتمعت كلمتي وكلمتهم على ما عاهدتك عليه فهم متمون لك على ما تحب. وأما الثانية إن سألك الروم بعد اليوم أن تصالحهم فلا تصالحهم حتى تجعلهم فيئا وعبيدا فإنهم أهل ذلك؛ لأني نصحتهم فاستغشوني ونظرت لهم فاتهموني. وأما الثالثة أطلب إليك إن أنا مت أن تأمرهم يدفنوني في أبي يحنس بالإسكندرية. فأنعم له عمرو بن العاص بذلك وأجابه إلى ما طلب، على أن يضمنوا له الجسرين جميعا، ويقيموا لهم الأنزال والضيافة والأسواق والجسور ما بين الفسطاط إلى الإسكندرية، ففعلوا. وقال غير عثمان: وصارت لهم القبط أعوانا كما جاء في الحديث. ا.ه.
فيعلم من مطالعة ما تقدم أن المقوقس عندما أبرم المعاهدة مع عمرو حفظ حق الخيار فيها للروم فأبوها، واستمروا في محاربة العرب حتى استولى هؤلاء على الإسكندرية، وترتب على رفضهم هذا أن انفصل المقوقس ومعه القبط عن الروم، وطلب من عمرو أن يعده والقبط مرتبطين بالمعاهدة فأجابه إلى طلبه، ثم طلب منه أن يواصل الحرب مع الروم بلا مهادنة، وثبت بعد ذلك حصول هذا ثبوتا كليا من تحصيل الجزية بفريضة دينارين، أي 120 قرشا عن كل نفس، وهذا كان الشرط الأساسي في إبرام المعاهدة.
وقال ابن عبد الحكم أيضا في كتابه ص83:
إن أهل سلطيس ومصيل وبلهيب ظاهروا الروم على المسلمين في جمع كان لهم، فلما ظهر عليهم المسلمون استحلوهم، وقالوا: هؤلاء لنا فيء مع الإسكندرية. ا.ه.
وهذا يدل على أن استحلالهم كان لهذا السبب الخاص دون أن يكون له سبب آخر عام.
أما مدينة الإسكندرية فقد أجمع مؤلفو العرب على أن استحلالهم كان لاعتبارها مدينة رومية صرفة لا مصرية، ولهم الحق في ذلك.
Page inconnue