Finances de l'Égypte de l'époque des pharaons à nos jours
مالية مصر من عهد الفراعنة إلى الآن
Genres
toparchis ، وجزئت هذه النواحي بدورها إلى جهات صغيرة، وهكذا دواليك إلى الأرور
aroure (18 سهما 15 قيراطا)، ورب سائل يسأل ما الذي أوجب هذا التقسيم المحكم الدقيق؟
فالجواب على ذلك هو أن فيضانات النيل كانت تحدث باستمرار حيرة وارتباكا في حدود الأملاك بجرفها لها تارة، وبزيادة مساحتها تارة أخرى، وطورا بتغييرها أوضاع أرض هذا، وإزالتها معالم أرض ذاك، مما كان يستدعي دواما إعادة قياس الحقول ومسحها، حتى إنه ليقال إن هذا العمل هو الذي أنشأ عند المصريين فن الهندسة، كما أنشأت الضرورة عند الفينيقيين علم الحساب لاحتياجهم إليه في تجارتهم البحرية.
وتقسيم السكان إلى ثلاث طبقات سرى بطبيعته إلى كل مركز، كما هو الحال في كل قسم من أقسام المملكة.
وإليك بيان التدابير العجيبة التي كانت تتخذ حيال النيل، ومنها يستطيع الإنسان أن يحكم بأن المصريين تغلبوا بقوة الفن على الطبيعة؛ ذلك أن زيادة المحصول ترتبط بزيادة الفيضان ارتباطا مباشرا، فكلما ارتفع منسوب الفيضان زاد مسطح الأراضي التي يعلوها الماء، ومع ذلك فقد حدث أكثر من مرة أن الفن سد نقص الطبيعة، وتوصل بواسطة حفر الترع وعمل الجسور أن يجعل المياه تغمر في أقل الفيضانات وأردئها نفس المسطحات التي كانت تغمرها في أكبر الفيضانات وأحسنها. ا.ه .
وقال ماسبيرو
Maspero
في المجلد الأول من «تاريخ شعوب الشرق القديم» (ص327):
إن حالة الفلاح الذي لا يملك أطيانا في الزمن القديم تماثل حالته في عصرنا الحاضر، فبعضهم كان لا يمتلك من حطام الدنيا سوى كوخ من الطين لا يسع غير الرجل وزوجه، وكان يعمل في المزرعة باليومية أو السنوية، والبعض كان يندفع فيستأجر أطيان عين من الأعيان أو جندي من جيرانه، ومن اشتروا أرضا لم ينتفعوا بغير ريعها، وهؤلاء هم أسعد الجميع حظا، أما ملكية أراضيهم فتبقى بأسرها في يد فرعون في البداية، ثم تنتقل منها إلى أيدي الملتزمين المدنيين أو الكهنوتيين، وكان في إمكان هؤلاء أن يتصرفوا فيها بطريق الوصاية أو الهبة أو البيع، وشراء غيرها بلا معارضة، وكانوا يؤدون غير العوائد الشخصية ضريبة عقارية بنسبة مساحة أراضيهم ونوع تربتها، ولم ينسب الأقدمون بجمعهم اختراع علم الهندسة إلى المصريين عفوا، فمداومة النيل على جرف الأراضي وتنقل مجراه وسهولة محوه لعلامات حدود الحقول، وتغييره أوضاع بعض نواح برمتها في مدى فصل صيف واحد؛ كل ذلك اضطرهم منذ بزغت شمس العصور القديمة أن يدققوا ويتحروا مساحة الأرض التي تطعمهم خيراتها، فكانوا يقيسون أراضي كل مدينة وكل قسم مرارا وتكرارا، ثم تضم الإدارة الملكية عمليات القياس هذه إلى بعضها وتنسقها، وبذلك يتمكن فرعون من أن يعرف بالتدقيق مساحة ولاياته. والوحدة التي كانت مستعملة في المقاس هي الأرور، وهو عبارة عن مربع طول أحد أضلاعه مائة ذراع، ويعادل ثمانية وعشرين آرا
2
Page inconnue