قال فؤاد: الفضل كل الفضل لك يا خالي ولمأدبتك في الأمس، إن كنت تذكر شهادتك لي الآن بأني لم أشرب الماء إلا صرفا بعكس غانم وابنه سعيد، فإنهما كانا يشربان الخمرة بالأكواب.
قال همام: قلت الحق فإنهما أكثرا من الشرب ولا سيما سعيد، فإنه كان كالجرة المثقوبة يسكب فيها الماء فلا تمتلئ، فحقا ما رأيت في هذا الفتى مزية تذكر مثل اقتداره على المسكرات.
قال فؤاد: وفيه مزية أخرى مذكورة هي قدرته على الكلام والانتقاد، فقد أطنب في عيب أخته ووصفها حتى لم يخف عني شيئا من خفاياها.
قال: إذن هو الذي نقل الأخبار عن أخته؟
قال: نعم، هو الذي نقلها والفضل الأول لمأدبتك ونبيذك، ولولا ذلك لما نطق صاحبنا بشيء من الحديث، ثم الفضل للكونياك الذي سكبته له في سهرتي أمس معه.
قالت سيدة: هذا ما كنت أخشاه، أرأيت يا أخي كيف كانت مأدبتك سببا للبلبال؟ قطعها الله من مأدبة، كانت ساعة شؤم علينا، فليتني لم أسمح لفؤاد بالحضور.
قال فؤاد: تلعنين الساعة يا أمي، وإننا أحرى بمدحها وشكرها، ألا تسرين بنجاتي من الداهية الدهماء والبلية العظمى؟
قال همام: أصاب فؤاد بعض الإصابة في قوله، فإن تكامل الأسنان في المرأة ضروري للنساء وزائد في جمالهن، وبعكس ذلك نقصانها، وقد يأبى الطبع أن يرى زيادة في أخمص المرأة، فإن لم يعده عيبا فيها فحسبه أنه فلتة من فلتات الطبيعة.
قالت: هذه أحوالكم أنتم معشر الرجال، لا تنظرون ولا تهتمون إلا للصفات الظاهرة العرضية وتغفلون الجوهر، وعندكم الفضل والأدب والحشمة شيء قليل لا عبرة به وصفات ثانوية لا تعبأون بها.
قال: وحقك يا أماه أني أجعل المقام الأولى في المرأة لصفاتها الجميلة أقدمها على محاسن خلقتها، وما كرهت الزواج بسعدى إلا لتجردها من المحامد، وما كان ليكرهني بها شعرها المستعار وسنها المصنوعة وزيادة أخمصها لولا أني رأيتها قليلة الآداب وعلى غير الأخلاق الفاضلة.
Page inconnue