فاضطربت ألن وقالت: ألا نعود إلى لندرا؟
قال: إننا ثلاثة رجال سنصحبك، وقد تلقينا الأمر بقتلك إذا حاولت الفرار، وقد كان بوسعنا أن نقيدك فوق ظهر الجواد ونربطك إلى السرج كالأكياس، ولكننا نؤثر أن تركبي مثلنا فاركبي.
فلم تجد بدا من الامتثال، فركبت الجواد، وركب الثلاثة يخفرونها، فلم يسيروا بضع خطوات حتى يئست ألن من الفرار؛ إذ وجدت جوادها يشبه البغال.
وبعد ساعة من سيرهم وصلوا إلى غابة، وهناك صفر أحد الثلاثة، فأجيب بصفير مثله ثم أقبل ثلاثة فرسان من الغابة فانضموا إليهم واستأنفوا السير، فساروا ساعة ثم التقوا بثلاثة فرسان آخرين فانضموا إليهم، وكانوا كلما التقوا بكوكبة من أولئك الفرسان يتبادلون أقوالا مبهمة لم تكن ألن تفهم شيئا من معانيها؛ فاشتد خوفها - على بسالتها - حتى إنها ندمت لمغادرتها السفينة.
وما زالوا يسيرون إلى أن صاح الذي كان يتقدمهم قائلا: قفوا وترجلوا عن الجياد، ودنا اثنان من ألن، فأمسك كل منهما بإحدى يديها فسارا بها في زقاق ضيق والرفاق في أثرهم ربع ساعة، حتى انتهوا إلى مكان رأوا فيه نورا يضيء، فقال زعيمهم: لقد دخلنا.
فوجف قلب ألن وقالت: هنا؟
قال: نعم. فإننا فقراء كما تعلمين، وليس لنا قصور نجعل فيها محاكمنا.
فاشتد رعبها وقالت: محكمة؟
قال: دون شك. أتحسبين أننا نعاقبك دون محاكمة؟! ثم جرها بعنف إلى مكان ذلك النور، فرأت نارا مشبوبة عند باب مغارة، ودخلوا بها إلى هذه المغارة، فرأت كثيرا من الرجال متربعين على الأرض وكلهم مقنعون، ثم رأت رجلا وقف وقال: لقد تكامل عددنا الآن.
فارتعدت ألن حين سمعت هذا الصوت كأنها عرفته، واستأنف الرجل حديثه فقال مخاطبا الفتاة: إن صبر الذين خنتهم يا مس ألن قد نفد، وانتزعت الرحمة من قلوبهم. ومع ذلك فقد عرضنا عليك الحرية، ولو رضيت أن تسافري إلى أميركا لأعطيناك ثروة، ولكنك لم تقبلي.
Page inconnue