Malâmâtî, Soufis et Ahl al-Futuwwa
الملامتية والصوفية وأهل الفتوة
Genres
وكان الإنسان عجولا ،
إن الإنسان لربه لكنود ،
إن الإنسان خلق هلوعا . أيمدح من كان بهذه الأوصاف أم يذم؟ فهذه صفة الملامة. وأحب مشايخهم التزيي بزي الشطار والاستعمال بعمل الأبرار، وأحبوا لأصحابهم أيضا ملازمة الأسواق بالأبدان والفرار منها بالقلوب. وسمعت جدي يقول: سمعت أبا محمد الجوني، وكان من أصحاب أبي حفص: الزم السوق والكسب، وإياك أن تأكل من كسبك وأنفقه على الفقراء، وما تأكله فاسأل الناس. فكنت إذا سألت الناس يقولون هذا الطموع الشره يعمل طول نهاره ثم يسأل الناس، حتى عرفوا ما أمرني به أبو حفص، فكانوا يعطونني، فقال لي أبو حفص: اترك الكسب والسؤال جميعا، فتركتهما. وقال أبو حفص: أخبر الخلق عن القرب والوصول والمقامات العالية، وإنما سؤالي الله عز وجل يدلني الطريق ولو بخطوة . قال أبو يزيد البسطامي: الخلق يظنون أن الطريق إلى الله تعالى أبين من الشمس وأشهر منها، وإنما سؤالي منه أن يفتح علي من الطريق ولو مقدار رأس إبرة. وكان سادات مشايخهم كلما كان حالهم مع الله أصح وأعلى كانوا أشد تواضعا وأكثر ازدراء بأحوالهم وأنفسهم، وذلك ليتأدب المريدون بهم، وتصحيح ما بينهم وبين الحق ألا يلتفتوا منه إلى شيء سواه فيحرموا ذلك المقام. وسئل بعضهم: ما بالكم قل ما يقع بكم ادعاء؟ فقال: وهل الدعاوى إلا رعونات وسخرية؟ إذا رجع صاحبها إلى نفسه رآها خالية مما أظهر، بعيدة مما ذكر، وهل هو إلا كما قال الشاعر:
وفي نظر الصادي إلى الماء حسرة
إذا كان ممنوعا سبيل الموارد
قال: وسمعت محمد بن الفراء إذ قلت له: ما أصل الملامة؟ قال: كلما كان حالهم مع الله أصح ووقتهم معه أعلى، كانوا أكثر التجاء وتضرعا، وألزم لطريق الخوف والرهبة، خوفا [من] أن الذي هم فيه محل استدراج، كما وصف الله عز وجل أصحاب نبي من أنبيائه عليهم السلام في قوله:
وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا
الآية، فوصفهم بهذه الصفة (53أ) وقوله الحق. ثم أخبر الله تعالى بما أظهروه من أنفسهم مع ما تقدم لهم من الأحوال، فقال:
وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين . والنبي
صلى الله عليه وسلم
Page inconnue