وذو طوى يقال بالفتح والضم والكسر في طائه، والفتح أشهر.
وعندما عاينا البلد الأمين نشأت السحائب، وأرسلت الغرابي، وأرخت الذوائب، فما وافينا المسجد الحرام شرفه الله إلا والمطر جود ذلك الجود أو وابل، وكل طائف تحت ميزاب الرحمة من جود نائل وإلى أقصى أمله واصل.
وحين تجلت لنا الكعبة كالعروس، نالت مناها النفوس، وقد أحرمت الكعبة بتجريدها من المخيط، إلى حد الحجر الأسود وبقي ما سواه بها محيط، ولله در القائل:
يا ربة الخال التي بلحاقها ... نال المنى من كان من عشاقها
عاينا من بهجتها ما يذكر قول الآخر:
ما علق الحلي على صدرها ... إلا لما يخشى من العين
نقول، والحلي على نحرها ... من علق الشين من الزين؟
فطفنا بالبيت طواف القدوم: نخب ونسعى، وقد ضاق بالطائفين المسعى، والمطر وابل وميزاب الرحمة يعب عبابه، ويعمم الناس أماما ويمينا وشمالًا انسكابه وهم يزدحمون في الحجر حتى غص بداخليه، ومن لم يجد سبيلا لدخوله ونيل مائة المبارك، عصر له بلل ثوبه بعض نائليه، فدخل معي المطاف رفيقي الوزير أبو عبد الله الذي فاز دوني بمزية البدار، وحظي بحظ من الجوار، فقال لي منبها ومفيدا: إن بعض شيوخنا قَالَ لي: إنه تستحب تلاوة القرآن في الطواف عند نزول المطر، لما يرتجي من اجتماع البركات التي وردت في ثلاث الآيات "، وهي قوله ﵎: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا﴾ [آل عمران: ٩٦] وقوله ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾ [الأنعام: ٩٢]، وقوله: ﴿وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا﴾ [ق: ٩] .
1 / 84