Les Intrigues de l'Amour dans les Palais des Rois
مكايد الحب في قصور الملوك
Genres
ولم يسمع قط عن رجل أحب زوجته كما أحب نبوليون ماري والسكا، فلم يسر إلا بقربها، حتى إن تعلقه بها كان أشبه شيء بالعبادة، ولكنها لم تبطئ أن تحققت أن تضحيتها بنفسها ذهبت باطلا، فقد عللها بالمواعيد غير أنه لم يف لها بشيء منها، واعتذر لها عن إخلافه وعده بقوله إني أحب وأود أن أذود عن حقوقها، ولكن الواجب علي لبلادي فوق كل شيء، فلا يسعني أن أهرق الدم الفرنسوي في غير مصلحة فرنسا نفسها.
ولا ريب في أنها أصبحت الآن تحب نبوليون حبا مجردا عن كل غرض آخر. ولم يكن في استطاعة أية امرأة كانت أن ترفض محبة رجل كهذا، وتغض النظر عن رؤية قاهر العالم بأسره جاثيا عند قدميها يترضاها ويستعطفها، إلا إذا كان قلبها من حجر لا من لحم ودم.
ولعل الأيام التي قضتها معه في فنكنشتين كانت أسعد أيامها. هناك كانت تنعم بقربه، وتأنس بصحبته، وتتناول طعامها معه، وتقضي ساعات طويلة في محادثته، وتتملى محبة ذلك الرجل العظيم الذي كان يأتمر بأمرها وينتهي بنهيها. ولما سألها أن تصحبه إلى باريس رفضت أن تجيب طلبه، فقال لها: «لا أجهل أنك تقدرين أن تعيشي بدوني، ولكن مع أنك لم تحبيني كما أحببتك، لا يسعك أن تبخلي علي بدقائق أتملى فيها كل يوم سعادة الجلوس بجانبك والتمتع بمشاهدتك، والناس كلهم يحسدونني عليك، ويعدونني أسعد إنسان على وجه الأرض.»
فرافقته إلى باريس، وبعد سنتين ولدت ابنا سمته ألكسندر فلوريان جوزف كولونا والسكا. وأقامت في بيت صغير أنيق كان يزورها نبوليون فيه ويواصلها بكل ما يدل على استمرار محبته لها.
وظلت مقيمة على ولائه كل أيام عزه ومجده، ولما دالت دولته وزال ظل سلطانه ونفي إلى جزيرة القديسة هيلانة، وتوفي زوجها الأول، تزوجت بالجنرال الكونت أورنانو أحد أبناء عم نبوليون. وعندما بلغه خبر اقترانها به استاء أشد الاستياء، وغمه جدا أن يرى المرأة التي أحبها وقتا طويلا حبا يفوق الوصف تنساه في ساعة محنته.
ولكن حياتها لم تطل، وبعدما ولدت ولدا لزوجها هذا توفيت في شهر ديسمبر سنة 1817، وكلمة «نبوليون» على شفتيها.
فاجعة في قصر
«سيكون ملكه محفوفا بالقلاقل والاضطرابات أكثر جدا مما كان ملك أبيه، وسيتزوج امرأة من عامة الشعب. وسيفقد عرشه وهو ابن سبع وعشرين سنة وأسرته تبيد معه.»
هذه الكلمات النبوية ألهم فلاح ريفي أن ينطق بها قبل أيام الملك المشار إليه فيها بسنين طويلة، ولا بد أنها خطرت ببال الذين سمعوا ذات يوم من شهر أغسطس سنة 1876 قرع الأجراس وقصف المدافع في مدينة بلغراد مبشرة بولادة وارث لعرش السرب. وقلما اتفق لطفل ملكي أن يربو في أحوال أسوأ من الأحوال التي ولد فيها هذا الطفل؛ لأن بلاد السرب كانت حينئذ خائضة غمار حرب عوان ضد تركيا، وأجراس الفرح والسرور التي رنت أصواتها في بلغراد أجابتها من ساحة القتال دمدمة البندقيات وجلجلة المدافع، وهي ترسل من أفواهها رصاص الموت والبوار وقذائف الخراب والدمار. وكانت البلاد بحذافيرها تئن رازحة تحت أثقال الفقر والضيق والتذمر والدسائس والمكايد، وكان الملك والملكة أنفسهما في نزاع وخصام حول سرير طفلهما.
ومع تفاقم الخلاف واحتدام الخصام بين الملك ميلان والملكة ناتالي حتى في مستهل حياتهما الزوجية، كانا كلاهما شديدي التعلق والارتباط بولدهما إسكندر الذي كان مطبوعا على اجتذاب جميع القلوب إليه؛ فقد ورث عن أمه جانبا كبيرا من جمالها وملاحتها، وكان في حداثته يفوق غيره من الأولاد في حسن طلعته وشدة ذكائه، فشب قوي الإرادة صعب المراس. ومما يروى عن جرأته وصراحته أن أباه خطب في مجلس النواب وأطال الكلام، فمل ولي العهد الصغير ودعا إليه أحد رجال البلاط وأسر إليه: «قل لأبي إنه تكلم كثيرا وينبغي له أن يرجع إلى البيت؛ لأني أروم أن أكلمه في مسألة.» ولما حياه الشعب مرة تحية الولاء، سأل رجلا واقفا بجانبه: «لماذا يضجون ويصخبون؟» فأجابه: «لأنهم يحبونك.» فصاح بأعلى صوته قائلا: «إن كنتم تحبونني كما تدعون فألقوا قبعاتكم في الماء.» وعلى الفور رموا قبعاتهم صعدا في الهواء فسقطت في نهر الساف.
Page inconnue