Collection des Épitres et des Questions

Ibn Taymiyya d. 728 AH
93

Collection des Épitres et des Questions

مجموعة الرسائل والمسائل

Maison d'édition

لجنة التراث العربي

هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم فمن احتج بالقدر على ترك المأمور، وجزع من حصول ما يكرهه من المقدور، فقد عكس الإيمان والدين، وصار من حزب الملحدين المنافقين، وهذا حال المحتجين بالقدر فإن أحدهم إذا أصابته مصيبة عظم جزعه وقل صبره فلا ينظر إلى القدر ولا يسلم له، وإذا أذنب ذنبًا أخذ يحتج بالقدر فلا يفعل المأمور، ولا يترك المحظور، ولا يصبر على المقدور، ويدعي مع هذا أنه من كبار أولياء الله المتقين، وأئمة المحققين الموجودين، وإنما هو من أعداء الله الملحدين، وحزب الشيطان اللعين، وهذا الطريق إنما يسلكه أبعد الناس عن الخير والدين والإيمان، تجد أحدهم أخير الناس إذا قدر، وأعظمهم ظلمًا وعدوانًا، وأذل الناس إذا قهر، وأعظم جزعًا ووهنًا، كما جربه الناس من الأحزاب البعيدين عن الإيمان بالكتاب والمقابلة من أصناف الناس، والمؤمن إن قدر عدل وأحسن، وإن قهر وغلب صبر واحتسب، كما قال كعب بن زهير في قصيدته التي أنشدها للنبي ﷺ التي أولها: بانت سعاد الخ..، في صفة المؤمنين: ليسوا مفاريح إن نالت رماحهم ... يومًا وليسوا مجازيعًا إذا نيلوا وسئل بعض العرب عن شيء من أمور النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: رأيته يغلب فلا يبطر، ويغلب فلا يضجر، وقد قال تعالى: " قالوا أإنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد منّ الله علينا، إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين " وقال تعالى: " وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئًا " وقال تعالى: " إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين " وقال تعالى: " وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور " فذكر الصبر

1 / 92