وهذا كله بعد أن يصدقوك على ما ادعيت لطولك في الحقيقة، واحتججت به لعرضك في الحكومة. كما أنك بإعمالك لما ينفيه العيان، واستشهادك لما تنكره الأذهان، معترض للصدق من المتكرم، ومتحكك بالحلم من المتغافل. وأي صامت لا ينطقه هذا المذهب، وأي ناطق لا يغريه هذا القول.
وإذا كان هذا ناقضا لعزم المتسلم فما ظنك بعادة المتكلف.
فأنشدك الله أن تغري بك السفهاء، وتنقض عزائم الحكماء.
وما أدري - حفظك الله - بأي الأمرين أنت أعظم إثما، وفي أيهما أنت أفحش ظلما: أبتعرضك للعوام، أم بإفسادك حكم الخواص.
وبعد فما يحوجك إلى هذا، وما يدعوك إليه وأشباهك من القصار كثير، ومن ينصرك منهم غير قليل.
فصل
وقلت: ولولا فضيلة العرض على الطول لما وصف الله تعالى وعز وجل، الجنة بالعرض دون الطول، حيث يقول: " وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ". فهذا برهانك الواضح.
Page 61