وإن كنت إلى الإشفاق تذهب، وإلى إعطاء الحزم أكثر من نصيبه، وكيف دار الأمر فإن التاجر قد استشعر الذل، وتغشى ثوب المذلة.
وصاحب السلطان قد تجاوز حد العز والهيبة. وإنما عيبه سكر السلطان، وإفراط التعظيم. قد استبطن بالعز، وظاهر بالبشر واستحكمت تجربته، وبعدت بصيرته حتى عرف مصلحة كل مصر، وإصلاح كل فاسد، وإقامة كل معوج، وعمارة كل خرب.
ولا أعلم في الأرض أعم إفلاسا ولا أشد نكبة، ولا أكثر تحولا من يسر إلى عسر، ولا رأينا الحوائج إلى أحد أهدى منها إلى أموال الصيارفة. فكيف يقاس شأن قوم تعمهم المعاطب بشأن قوم أهل السلامة فيهم أكثر، والنكبات فيهم أقل.
وبعد هذا فإني أرى ألا تستكرهه فتبغض إليه الأدب، ولا تهمله فيعتاد اللهو.
على أني لا أعلم في جميع الأرض شيئا أجلب لجميع الفساد من قرناء السوء، والفراغ الفاضل عن الجمام.
Page 49