وقال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم في المشركين: ?فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون?[التوبة: 11].
فسلهم عن مشرك تاب من الشرك، وصدق بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يقم الصلاة، ولم يؤت الزكاة، أهو أخوهم في الدين، أم لا؟ فإن قالوا: نعم، هو أخونا. لم يكونوا من الذين قال الله تعالى: ?ونفصل الآيات لقوم يعلمون?، وإن قالوا: لا ندري. شكوا فيما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم وارتابوا.
وقال الله تعالى وتقدس: ?وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة?[البينة: 5] فمن لم يقم الصلاة ويؤتي الزكاة ولم يحج البيت أهدم الدين القيمة أم ثبت على الدين القيمة بالإقرار وترك العمل؟ فإن قالوا: هو على الدين القيمة وقد ترك الصلاة والزكاة وحج البيت. خالفوا ما أنزل الله تعالى، وجحدوا كتابة واتبعوا أهواءهم، وكانوا في لبس من دينهم.
فإنهم يقولون فيما يقولون: إن الله تعالى قال في كتابه: ?إن عدة الشهور عند الله اثني عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم?[التوبة: 36]، فإنهم يقولون: الشهور من الدين. فقل: أرأيتكم لو أن رجلا عد السنة إحدى عشر شهرا وترك شهرا، وقال أشهد إنه حق من الله تعالى، غير أني لا أعدها إلا إحدى عشر شهرا، فأخر شهر رمضان فجعله شوالا، وجعل الحج في ذي القعدة، أترك دين الله تعالى، أم هو مقيم على دين الله بالإقرار ، وقد خالف بالعمل؟
Page 36