فإن قيل: ولسنا نسلم ثبوت إمامة صاحب الزمان ولا نقر بذلك.
كان الجواب أن إمامته لم تثبت بقولكم، فيكون فقد إقراركم وجها في بطلان إمامته، لأن الإمامة تثبت عند جميع الأمة بوجهين:
أحدهما: العقد والاختيار من العلماء والفضلاء وعيون المسلمين.
والآخر: بالدعوة وتكامل الخصال، وهذان الوجهان قد حصلا لصاحب الزمان على أبلغ الوجوه، وأنتم الشهود على ذلك ودخلتم في غمار أتباعه، وكنتم بلا شك من أنصاره وأشياعه. والفضل ما شهدت به الأعداء.
فهذه شروط انتصار المحق بالمبطل على المبطل، وهذه الخصال جميعا معقودة فيكم.
أما الأول: وهو أن يكون المستنصر محقا, فليس بحاصل فيكم بل أنتم في بحار الضلال تهيمون, وفي ضحضاح الكفر تعمهون، ويكفي في ذلك موالاتكم بالحلف والنصرة والمودة للباطنية والمجبرة والمشبهة, بل أنتم في أبلغ من ذلك، لأنكم خدم لهم, ومدبرون عن أمرهم فعلا وتركا، وهذا ظاهر لا يخفى على أحد، ولا يمكن إنكاره، وأنواع المنكرات بين أظهركم ظاهرة، وكفى بذلك ضلالا, مع ما اقترن به من أفعالكم التي ضاهت أفعال عباد الأوثان، من قتل عيون المسلمين, وسفك دماء البررة المتقين، إلى غير ذلك مما يكثر تعداده.
وأما الشرط الثاني: وهو أن يكون المستعان عليه مبطلا، ففي ذلك وقع النزاع، لأنه الحجة عليكم في زمانكم، والناظم لدين آبائه وآبائكم، والمدمر لأعداء الدين، والقامع لما نجم من المفسدين, الذي برز في ميدان الكمال، وانتقم من أرباب الضلال، وأرغم أنوف الجهال, حتى نال في الفضل أبلغ منال، وآل في رضى ربه إلى خير مآل, أخذ بدمائكم المطلولة، وأقفر ربوع أعدائكم المأهولة، يشهد بذلك حضور وحوشان, وغيرهما من مشاهدنا المشهورة في البلدان.
وكم يوم سقيت به الأعادي كؤوسا ... ما يفيق لها ضريع
Page 22