Recueil des Épîtres d'Al-Ala'i
مجموع رسائل الحافظ العلائي
Chercheur
وائل محمد بكر زهران
Maison d'édition
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Lieu d'édition
القاهرة - جمهورية مصر العربية
Genres
أما الأول فلأن تلك الذات المخصوصة التي هي المشار إليها بقولنا: هو الحق سبحانه إما أن تكون حاصلة في شخص آخر سواه أولا تكون كذلك، فإن كان الأول كان امتياز ذاته المعينة عن المعين الآخر لا بد وأن يكون بقيد زائد فيكون مركبًا في نفسه مما به الاشتراك وما به الامتياز، وكل مركب فهو مفتقر كما تقدم، وكل مفتقر ممكن لذاته وذلك محال في حقه ﷾، وإن لم يكن ذلك فقد ثبت أنه سبحانه في ذاته لا قسيم له، وأيضًا لو وجد إلهان لكان كل منهما قادرًا على كل المقدورات؛ لأن هذه من خواص الإلهية فهذا قصد كل واحد منهما إلى إيجاد شيء امتنع وقوعه بهما؛ لأن الأثر مع المؤثر التام واجب الوقوع ووجوب وقوعه بذلك يمنع أن يكون مستندًا في وقوعه إلى غير ذلك المؤثر، فلو استند إليهما لانقطع عنهما ولم يقع بواحد منهما ويمتنع أن لا يقع بواحد منهما؛ لأن المانع من وقوعه بأحدهما وقوعه بالآخر فلو لم يقع بهما لوقع بهما ويمتنع وقوعه بأحدهما دون الآخر؛ لأنه لا يكون الآخر قادرًا على كل المقدورات، وإذا بطلت كل هذه الأقسام لزم أن لا يكون الإله إلا واحدًا ﷾.
وأما كونه تعالى واحدًا في صفاته لا شبيه له؛ فلأن صفاته سبحانه أزلية قديمة وصفات غيره حادثة متغيرة، وأيضًا فلأن صفاته سبحانه غير متناهية بحسب التعلقات فإن علمه متعلق بجميع المعلومات وقدرته متعلقة بجميع المقدورات بخلاف صفات غيره.
وأما كونه ﷾ واحدًا في أفعاله فظاهر؛ لأن الموجود إما واجب أو ممكن، وبرهان الحصر ما تقدم، فالواجب هو اللَّه ﷾ والممكن ما عداه وكل ما كان ممكنًا فإنه لا يوجد ما لم يستند إلى الواجب في إيجاده؛ لأن ماهيته قابلة للوجود والعدم فيمتنع حصول أحدهما إلا بمرجح وذلك المرجح هو اللَّه سبحانه الموجد القادر ولا يختلف هذا الحكم باختلاف أقسام الممكنات سواء كان مالكًا أو مملوكًا أو فعلًا للعباد؛ لأن كل ما عداه ﷾ فهو ملكه وتحت قدرته وتصرفه واستيلائه وليس له فيه شريك ولا معين ﷾.
فهذه نبذة مختصرة في تقرير وحدانيته ﷾ وبطلان قول فرق النصارى، وبسط ذلك لا يحتمله هذا الموضع، واللَّه سبحانه الموفق بكرمه.
1 / 158