206

Recueil des Épîtres

مجموع رسائل الحافظ ابن عبد الهادي

Chercheur

أبو عبد الله حسين بن عكاشة

Maison d'édition

الفاروق الحديثة للطباعة والنشر

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

Lieu d'édition

القاهرة - جمهورية مصر العربية

Genres

فصل
تكلم شيخنا على قوله تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ (١) وعلى قوله تعالى: ﴿أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾ (٢)، وحكى عن بعضهم أن المعنى تخونونها بارتكاب ما حرم عليكم. قال (٣): فجعل الأنفس مفعول يختانون، وجعل الإنسان قد خانها، أي: ظلمها. قال: وهذا فيه نظر؛ فإن كل ذنب يذنبه الإنسان فقد ظلم فيه نفسه، سواء فعله سرًّا أو علانية، وإن كان اختيان النفس هو ظلمها وارتكاب ما حرم عليها ﴿كان كل﴾ (٤) مذنبٍ مختانًا لنفسه؛ وإن جهر بالذنوب، ومعلوم أن هذا اللفظ إنما استعمل في خاص من الذنوب فيما يُفعل سرًّا.
قال (٥): ولفظ الخيانة حيث استعمل (ق ٢٦ - ب) لا يُستعمل إلا فيما خفي عن المخون كالذي يخون أمانته فيخون من ائتمنه إذا كان لا يشاهده.
إلى أن قال (٦): فإذا كان كذلك فالإنسان ﴿كيف﴾ (٤) يخون نفسه، وهو لا يكتمها ما يفعله، ولا يفعله سرًّا عنها كما يخون من لا يشاهده؟
قال: والأشبه -والله أعلم- أن يكون قوله تعالى: ﴿يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ (١)، مثل قوله: ﴿إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ (٧)، وقد ذهب الكوفيون

(١) سورة النساء، الآية: ١٠٧.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٨٧.
(٣) "مجموع الفتاوى" (١٤/ ٤٣٨ - ٤٣٩).
(٤) من "مجموع الفتاوى".
(٥) "مجموع الفتاوى" (١٤/ ٤٤٠).
(٦) "مجموع الفتاوى" (١٤/ ٤٤١ - ٤٤٤).
(٧) سورة البقرة، الآية: ١٣٠.

1 / 215