Recueil de fatwas

Ibn Taymiyya d. 728 AH
68

Recueil de fatwas

مجموع الفتاوى

Maison d'édition

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة

Lieu d'édition

السعودية

عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ﴾ وَلِهَذَا حَقَّقَ اللَّهُ لَهُ نَعْتَ الْعُبُودِيَّةِ فِي أَرْفَعِ مَقَامَاتِهِ حَيْثُ قَالَ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا﴾ . وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَوْحَى إلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾ . وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾ . وَلِهَذَا يُشْرَعُ فِي التَّشَهُّدِ وَفِي سَائِرِ الْخُطَبِ الْمَشْرُوعَةِ كَخُطَبِ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَخُطَبِ الْحَاجَاتِ عِنْدَ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ أَنْ نَقُولَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحَقِّقُ عُبُودِيَّتَهُ لِئَلَّا تَقَعَ الْأُمَّةُ فِيمَا وَقَعَتْ فِيهِ النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ مِنْ دَعْوَى الْأُلُوهِيَّةِ حَتَّى قَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ. فَقَالَ: " أَجَعَلْتَنِي لِلَّهِ نِدًّا؟ بَلْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ ". وَقَالَ أَيْضًا لِأَصْحَابِهِ: ﴿لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ بَلْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ مُحَمَّدٌ﴾ وَقَالَ: ﴿لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُمَا كُنْتُمْ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي﴾ . وَقَالَ: ﴿اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ﴾ وَقَالَ: ﴿إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ﴾ . وَالْغُلُوُّ فِي الْأُمَّةِ وَقَعَ فِي طَائِفَتَيْنِ: طَائِفَةٍ مِنْ ضُلَّالِ الشِّيعَةِ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الْأُلُوهِيَّةَ وَطَائِفَةٍ مِنْ جُهَّالِ الْمُتَصَوِّفَةِ يَعْتَقِدُونَ نَحْوَ ذَلِكَ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ فَمَنْ تَوَهَّمَ فِي نَبِيِّنَا أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ شَيْئًا مِنْ الْأُلُوهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ النَّصَارَى وَإِنَّمَا حُقُوقُ الْأَنْبِيَاءِ مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَنْهُمْ. قَالَ تَعَالَى فِي خِطَابِهِ لِبَنِي إسْرَائِيلَ: ﴿وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ

1 / 66