Recueil de fatwas

Ibn Taymiyya d. 728 AH
46

Recueil de fatwas

مجموع الفتاوى

Maison d'édition

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة

Lieu d'édition

السعودية

الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ ﴿إنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا﴾ ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا﴾ ﴿فَأَوْحَى إلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾ ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ﴾ ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾ . وَنَحْوَ هَذَا كَثِيرٌ. وَقَدْ يُطْلَقُ لَفْظُ الْعَبْدِ عَلَى الْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا، كَقَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ ﴿أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ﴾ قَدْ يُقَالُ فِي هَذَا: إنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَلَائِكَةُ وَالْأَنْبِيَاءُ إذَا كَانَ قَدْ نَهَى عَنْ اتِّخَاذِهِمْ أَوْلِيَاءَ فَغَيْرُهُمْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. فَقَدْ قَالَ: ﴿إنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ . وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الدَّجَّالِ: ﴿فَيُوحِي اللَّهُ إلَى الْمَسِيحِ أَنَّ لِي عِبَادًا لَا يُدَانُ لِأَحَدِ بِقِتَالِهِمْ﴾ وَهَذَا كَقَوْلِهِ: ﴿بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا﴾ فَهَؤُلَاءِ لَمْ يَكُونُوا مُطِيعِينَ لِلَّهِ، لَكِنَّهُمْ مُعَبَّدُونَ مُذَلَّلُونَ مَقْهُورُونَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ قَدَرُهُ. وَقَدْ يَكُونُ كَوْنُهُمْ عَبِيدًا: هُوَ اعْتِرَافُهُمْ بِالصَّانِعِ وَخُضُوعُهُمْ لَهُ وَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا كَقَوْلِهِ: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ وَقَوْلُهُ: ﴿إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ أَيْ ذَلِيلًا خَاضِعًا. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَا يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الِاسْتِكْبَارُ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ قَالَ: ﴿لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا﴾ ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ فَذَكَرَ بَعْدَهَا أَنَّهُ يَأْتِي مُنْفَرِدًا كَقَوْلِهِ ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ وَقَالَ: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا﴾ الْآيَةَ. وَقَالَ: ﴿بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ مُجَرَّدَ كَوْنِهِمْ مَخْلُوقِينَ مُدَبِّرِينَ مَقْهُورِينَ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ وَالْقُدْرَةِ فَإِنَّ هَذَا

1 / 44