190

Recueil de fatwas

مجموع الفتاوى

Maison d'édition

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة

Lieu d'édition

السعودية

الْخَلْقِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِكَوْنِهِ كَانَ يُنْفِقُ مَالَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَاشْتِرَائِهِ الْمُعَذَّبِينَ. وَلَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ ﷺ مُحْتَاجًا فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ لَا إلَى أَبِي بَكْرٍ وَلَا غَيْرِهِ بَلْ لَمَّا قَالَ لَهُ فِي سَفَرِ الْهِجْرَةِ: إنَّ عِنْدِي رَاحِلَتَيْنِ فَخُذْ إحْدَاهُمَا فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ " بِالثَّمَنِ " فَهُوَ أَفْضَلُ صَدِيقٍ لِأَفْضَلِ نَبِيٍّ وَكَانَ مِنْ كَمَالِهِ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ مَا يَعْمَلُهُ إلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى لَا يَطْلُبُ جَزَاءً مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْخَلْقِ لَا الْمَلَائِكَةِ وَلَا الْأَنْبِيَاءِ وَلَا غَيْرِهِمْ. وَمِنْ الْجَزَاءِ أَنْ يَطْلُبَ الدُّعَاءَ قَالَ تَعَالَى عَمَّنْ أَثْنَى عَلَيْهِمْ: ﴿إنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ وَالدُّعَاءُ جَزَاءٌ كَمَا فِي الْحَدِيثِ ﴿مَنْ أَسْدَى إلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ بِهِ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ﴾ . وَكَانَتْ عَائِشَةُ إذَا أَرْسَلَتْ إلَى قَوْمٍ بِصَدَقَةِ تَقُولُ لِلرَّسُولِ: اسْمَعْ مَا يَدْعُونَ بِهِ لَنَا حَتَّى نَدْعُوَ لَهُمْ بِمِثْلِ مَا دَعَوْا لَنَا وَيَبْقَى أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ. وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إذَا قَالَ لَك السَّائِلُ: بَارَكَ اللَّهُ فِيك فَقُلْ: وَفِيك بَارَكَ اللَّهُ فَمَنْ عَمِلَ خَيْرًا مَعَ الْمَخْلُوقِينَ سَوَاءٌ كَانَ الْمَخْلُوقُ نَبِيًّا أَوْ رَجُلًا صَالِحًا أَوْ مَلِكًا مِنْ الْمُلُوكِ أَوْ غَنِيًّا مِنْ الْأَغْنِيَاءِ فَهَذَا الْعَامِلُ لِلْخَيْرِ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ خَالِصًا لِلَّهِ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ لَا يَطْلُبُ بِهِ مِنْ الْمَخْلُوقِ جَزَاءً وَلَا دُعَاءً وَلَا غَيْرَهُ لَا مِنْ نَبِيٍّ وَلَا رَجُلٍ صَالِحٍ وَلَا مِنْ الْمَلَائِكَةِ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْعِبَادَ كُلَّهُمْ أَنْ يَعْبُدُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ. وَهَذَا هُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ الْأَوَّلِينَ والآخرين مِنْ الرُّسُلِ

1 / 188