15

Recueil de fatwas

مجموع الفتاوى

Maison d'édition

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة

Lieu d'édition

السعودية

لِلْمَشْرُوعِ لَنَا الْمُوصَى بِهِ الرُّسُلُ، وَالْمُوحَى إلَى مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ يُقَالُ: الضَّمِيرُ فِي أَقِيمُوا عَائِدٌ إلَيْنَا. وَيُقَالُ هُوَ عَائِدٌ إلَى الْمُرْسَلِ. وَيُقَالُ هُوَ عَائِدٌ إلَى الْجَمِيعِ. وَهَذَا أَحْسَنُ وَنَظِيرُهُ. أَمَرْتُكَ بِمَا أَمَرْتُ بِهِ زَيْدًا. أَنْ أَطِعْ اللَّهَ، وَوَصَّيْتُكُمْ بِمَا وَصَّيْتُ بَنِي فُلَانٍ: أَنْ افْعَلُوا. فَعَلَى الْأَوَّلِ: يَكُونُ بَدَلًا مِنْ (مَا) أَيْ شَرَعَ لَكُمْ أَنْ أَقِيمُوا وَعَلَى الثَّانِي: شَرَعَ (مَا خَاطَبَهُمْ. أَقِيمُوا فَهُوَ بَدَلٌ أَيْضًا، وَذَكَرَ مَا قِيلَ لِلْأَوَّلِينَ. وَعَلَى الثَّالِثِ: شَرَعَ الْمُوصَى بِهِ (أَقِيمُوا) فَلَمَّا خَاطَبَ بِهَذِهِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْإِخْبَارِ بِأَنَّهَا مَقُولَةٌ لَنَا، وَمَقُولَةٌ لَهُمْ: عَلِمَ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إلَى الطَّائِفَتَيْنِ جَمِيعًا. وَهَذَا أَصَحُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَالْمَعْنَى عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يَرْجِعُ إلَى هَذَا، فَإِنَّ الَّذِي شُرِعَ لَنَا: هُوَ الَّذِي وَصَّى بِهِ الرُّسُلَ، وَهُوَ الْأَمْرُ بِإِقَامَةِ الدِّينِ وَالنَّهْيُ عَنْ التَّفَرُّقِ فِيهِ؛ وَلَكِنَّ التَّرَدُّدَ فِي أَنَّ الضَّمِيرَ تَنَاوَلَهُمْ لَفْظُهُ؛ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ قِيلَ لَنَا مِثْلُهُ؛ أَوْ بِالْعَكْسِ؛ أَوْ تَنَاوَلَنَا جَمِيعًا وَإِذَا كَانَ اللَّهُ قَدْ أَمَرَ الْأَوَّلِينَ والآخرين بِأَنْ يُقِيمُوا الدِّينَ، وَلَا يَتَفَرَّقُوا فِيهِ، وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ شَرَعَ لَنَا مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا، وَاَلَّذِي أَوْحَاهُ إلَى مُحَمَّدٍ ﷺ. فَيَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَا أَوْحَاهُ إلَى مُحَمَّدٍ ﷺ يَدْخُلُ فِيهِ شَرِيعَتُهُ الَّتِي تَخْتَصُّ بِنَا؛ فَإِنَّ جَمِيعَ مَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ قَدْ أَوْحَاهُ إلَيْهِ مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ بِخِلَافِ نُوحٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الرُّسُلِ؛ فَإِنَّمَا شَرَعَ لَنَا مِنْ الدِّينِ مَا وُصُّوا بِهِ؛ مِنْ إقَامَةِ الدِّينِ، وَتَرْكِ التَّفَرُّقِ فِيهِ. وَالدِّينُ الَّذِي اتَّفَقُوا عَلَيْهِ: هُوَ الْأُصُولُ. فَتَضَمَّنَ الْكَلَامُ أَشْيَاءَ:

1 / 13