قال الناصر عليه السلام: فأما المعاصي التي هي غير المظالم فليس عليه جناح منها إذا لم يمكن تغييرها لقوله تعالى : ?ياأيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم?[المائدة:41] فإن هؤلاء قد أظهروا الإقرار والإيمان كما أظهر أصحابه صلى الله عليه وآله وسلم فأمره تعالى بالصبر على ما عاين مما غمه وأحزنه من الفريقين، ولا يمكن تغييره إلا بأن يأتيه اليقين، وهو الحق الذي وعده من نصره، فإن التدبير في حفظ البيضة واجتماع الكلمة من العسف والحرب. قال عليه السلام: وليكن إنكار المنكر على حسب إمكانه بالكلام إذا غلب في ظنه أنه ينفع، وبالسوط إذا كان القول لا يمنع، ثم السيف إذا أمكنه ولم يكن من أنكر عليه مرتدعا فإنه كالطبيب كما يتيسر من الدواء ولا يهجم على الكي والقطع إلا إذا أعياه الداء، فإن أجزأ الدواء وإلا الكي، وآخر المعروف بالسيف حتى يتجلى له الأمر، فيمضي الحدود كما أمر الله تعالى، ولا تأخذه رأفة بأحد، ولا رقة عليه فإن ذلك فساد في الدين، وزوال طاعته عن إمرة المؤمنين.
وروى عنه محمد بن زيد الحسني عليه السلام أنه قال: اشتدوا - رحمكم الله - على الفاسقين، وأغلظوا فإنكم إنما تؤتون من الضعف والونية، فلا تشتغلوا بقول من يقول: ارحموا أهل البلاد ومن لا يرحم لا يرحم، فإن الله سبحانه يقول: ?ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله?[النور:2]، وقال سبحانه في بني إسرائيل لما كان الرجل يرى أخاه على الذنب فينهاه ولا يمنعه ذلك من مجالسته ومؤاكلته : ?لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون?[المائدة:78].
Page 88