Majmuc
مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني
Genres
وإما أن تكون أردت غيره من قدم إنسان (1) المخلوقين، وتقادم أزمنة الأولين.
فإن (2) كنت عنيت بسؤالك قدم الإنسان، فذلك طول الدهور والأزمان.
وإن كنت عنيت قدم الواحد الرحمن، فقدمه هو ذاته وذاته قدمه، فكذلك علمه قدرته وقدرته علمه، وكذلك القول في سمعه وبصره وحياته، أنها شيء واحد هو الله عز وجل.
ألا ترى أن السمع هو العلم بالأصوات، وكذلك البصر هو العلم بالمبصرات، لا أنه كما قال أهل التشبيه ذو آلات، لما في الآلات والأدوات، من السكون والحركات، والحركة والسكون محدثان، وهما عن الله منفيان، لأنهما عرضان متداولان، وضدان متنافيان، لا يوجدان إلا في مفترق أو مجتمع، ولا يكون الافتراق والاجتماع إلا من مفرق جامع، وخالق فاطر صانع، وهذه صفات المحدثات التي لا تنفك من الأعراض، ولا تمتنع من الكلية والأبعاض، فهي غير ممتنعة من صنع صانعها، وتفريق مفرقها وجمع جامعها، فهي لا تعرف إلا بتقدير مقدرها، ولا تنفك من تدبير مدبرها، فجهاتها تدل على غايتها وانقطاعها، وإكمال صنعها وابتداعها، وحدودها يدل على محددها، وعددها يدل على معددها، وأدواتها تدل على فاقتها، والتفضل بذلك يدل على رحمة صانعها، فتعالى الله مولانا وسيدنا وربنا وخالقنا عما يقول المفترون!! وتقدس عما يتفوه به العادلون، وينسب إليه الضالون!! وإنما تولد الشرك والتشبيه والتجوير ونسي العدل والتوحيد، من قبل الجهل بحدث العالم، ولو علموا بحدث المحدثات لما شبهوا، ولو أيقنوا حقيقة اليقين لما ألحدوا في الله ولا كفروا.
وقد أظن إن شاء الله تعالى ظنا صادقا، وأعلم علما متحققا، أن من عظم يقينه بالله تبارك وتعالى لا يرغب في معصيته(3) أبدا، ولا يدخل في محظور متعمدا، ولا يخلو قلبه من الخشية والرحمة والهدى، ولا يدخل ما حيي في باب ردى.
Page 219