120

ومنها: أنه معلوم متحقق مرسوم عند من أعطى النظر حقه ولم يملك التعصب رقه من الوضع والخطاب الإلهي شمول أمم الكافرين والفاسقين والظالمين وغيرها من أسماء الذم للعاصين من الموحدين والملحدين، والقرآن مملوء من إطلاق اسم الكفر على من أخل بالشكر نحو قوله تعالى: ((قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين)) [آل عمران:32] فإنها مصرحة بتسميتهم كافرين عن التولي عن الطاعة، وفي إقامة الظاهر مقام المضمر مالايخفى من النعي عليهم والشناعة، وكم في الذكر المبين من التصريح باختصاص النار بالكافرين ومعلوم بنص الكتاب الخلود فيها _نعوذ بالله تعالى منها_ لمن لم يكن خارجا عن الملة من العاصين.

وهذا تبرع بمستند المنع عن الخروج عن أصل الوضع وهو لايلزمنا، لأن الأصل معنا ولعله غر كثيرا مايوجب التغاير من نحو قوله تعالى: ((وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان)) [الحجرات:7] وليس ذلك بضائر فهو مسلم أنها غير مترادفة بل مختلفة المفاهيم متعددة المعاني لكن لانسلم عدم جواز اجتماعها في صاحب المعصية من الكبائر، فإن المعصية الواحدة يطلق عليها أسماء كثيرة متغايرة لاختلاف الاعتبارات مثلا من حيث كونها مخالفة للأمر تسمى عصيانا، ومن حيث كونها إخلالا بشكر المنعم تسمى كفرانا، وهلم جرا، والفرق بين هذا القول والقول بنفي المنزلة بين المنزلتين من الخوارج وغيرهم اختلاف الأحكام وعدمها، فأما الاصطلاحات الحادثة فلا تخرجها عن أصل الوضع وكذلك اختلاف الأحكام والمعاملات في الشرع وقد اختلفت أحكام الكافرين بالإتفاق، فللحربيين معاملات وللذميين كذلك ولم يوجب ذلك خروجهم عن التسمية وعدم الاشتراك، وحينئذ يعمهم الوعيد بإبطال جميع الأعمال والخلود في العذاب والنكال بلا ريب ولاإشكال.

Page 121